امرأة عمران ما في بطنها لخدمة بيت المقدس، وسألت ربّها أن يقبل منها ما حرّرت، ووقفت، فقال لها زوجها: ويحك ما صنعت؟ أرأيت إن كان ما في بطنك أنثى؛ فلا تصلح لذلك. فوقعا في همّ شديد من أجل ذلك، ثمّ توفي زوجها، وهي حامل بمريم، عليها السّلام.
الإعراب:{إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل نصب متعلق بفعل محذوف، تقديره: اذكر. أو هو مفعول به لهذا المقدر، وهو قول محمد بن يزيد، وقال أبو عبيد:{إِذْ} زائدة، وعلّقه الزّجاج بالفعل:{اِصْطَفى} وعلقه مكي ب {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} والأول هو المعتمد. {قالَتِ:} فعل ماض، والتاء للتأنيث. {اِمْرَأَتُ:} فاعله، وهو مضاف، و {عِمْرانَ:}
مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية وزيادة الألف والنون، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة:{إِذْ} إليها. {رَبِّ} انظر الآية رقم [٢٥٩] من سورة (البقرة) ففيها الكفاية. {إِنِّي:} حرف مشبه بالفعل، وياء المتكلم اسمها.
{نَذَرْتُ:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ). {لَكَ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به: {فِي بَطْنِي:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة الموصول، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {مُحَرَّراً:} حال من: {ما} ليس غير، ووقعت {ما} لغير العاقل للإبهام.
{فَتَقَبَّلْ:} الفاء: هي الفصيحة. (تقبل): فعل دعاء، وفاعله تقديره: أنت، ومفعوله محذوف، التقدير: تقبل مني ما نذرته. {مِنِّي:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ذلك حاصلا مني؛ فتقبله مني، والآية بكاملها في محل نصب مقول القول. {إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} انظر إعراب مثلها في الآية رقم [٨] وهي مفيدة للتعليل، لا محل لها من الإعراب.
الشرح:{فَلَمّا وَضَعَتْها:} التأنيث لما نذرته، وإنّما أنث؛ لأنه كان أنثى. {قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى}. قالت ذلك تحسرا، وتحزّنا إلى ربّها؛ لأنّها كانت ترجو أن تلد ذكرا. والسبب ما ذكرته في الآية السابقة. وقد خرجت الجملة الفعلية من معنى الإخبار إلى معنى التحسّر، والتحزّن.
{وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ} أي: عالم بما ولدت، وهو إخبار من الله تعالى. وقرئ بضم التاء على أنها فاعل، فيكون من كلام أمّ مريم على تقدير: أنها لمّا قالت: {رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى} خافت أن تكون أخبرت الله بذلك، فأزالت هذه الشبهة بقولها:(والله أعلم بما وضعت).