للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع مذكر سالم... إلخ. {وَلِيجَةً}: مفعول به. {وَاللهُ خَبِيرٌ}: مبتدأ وخبر. {بِما}: متعلقان ب‍ {خَبِيرٌ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر بالباء، والجملة بعدها صلتها أو صفتها، والعائد أو الرابط محذوف؛ التقدير: بالذي، أو بشيء تعملونه، هذا؛ وتحتمل (ما) المصدرية، فتؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، التقدير: بعملكم، والجملة الاسمية: {وَاللهُ خَبِيرٌ..}. إلخ مستأنفة لا محل لها.

{ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ (١٧)}

الشرح: {ما كانَ}: ما صح ولا استقام. {لِلْمُشْرِكِينَ}: هم عبدة الأوثان. {أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ}: أن يبنوا المساجد، ويشيدوها، ويقوموا بمصالحها، أو بما يلزم لها من ترميم ونحوه، والمراد جميع المساجد في جميع بقاع الأرض، أو المراد المسجد الحرام، وجمع لأنه قبلة جميع المساجد، وإمامها، فعامره كعامر الجميع، ويؤيده قراءة ابن كثير وأبي عمرو، ويعقوب: «(المسجد)» بالإفراد. {شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ}: وذلك بإظهار الشرك بعبادة الحجارة، وتكذيب الرسول صلّى الله عليه وسلّم، والطواف بالكعبة عراة، وغير ذلك. {أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ}: ذهب ثوابها ضياعا، كما قال تعالى: {وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً} وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً}. {وَفِي النّارِ هُمْ خالِدُونَ}: مقيمون لا يبرحون منها أبدا، وانظر الآية رقم [٥٥] تجد ما يسرك، ويثلج صدرك.

هذا؛ وانظر {مَسْجِدٍ} في الآية رقم [٢٩] (الأعراف)، ويقرأ {يَعْمُرُوا} من الثلاثي ومن الرباعي. {أَنْفُسِهِمْ}: انظر الآية رقم [٩] (الأعراف). {بِالْكُفْرِ}: انظر الآية رقم [٦٦] (الأعراف). {النّارِ}: انظر الآية رقم [١٢] منها أيضا.

تنبيه: روي: أن جماعة من رؤساء كفار قريش أسروا يوم بدر، ومنهم العباس عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأقبل عليهم نفر من الصحابة يعيرونهم بالشرك، وجعل علي رضي الله عنه يوبخ عمه العباس بسبب قتال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقطيعة الرحم، فقال العباس-رضي الله عنه-ما لكم تذكرون مساوينا، وتكتمون محاسننا؟ فقيل له: وهل لكم محاسن؟ قال: نعم أفضل منكم، نحن نعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقي الحجيج، ونفك العاني، فنزلت الآية الكريمة وما بعدها، فقد أوجب الله على المسلمين منعهم من ذلك؛ لأن المساجد إنما تعمر لعبادة الله وحده، فمن كان كافرا بالله، فليس له أن يعمر مساجد الله.

الإعراب: {ما}: نافية. {كانَ}: ماض ناقص. {لِلْمُشْرِكِينَ}: متعلقان بمحذوف خبر {كانَ} تقدم على اسمها، والمصدر المؤول من {أَنْ يَعْمُرُوا} في محل رفع اسم {كانَ} مؤخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>