مستأنفة، لا محل لها. {إِنَّما:} كافة ومكفوفة. {يَتَذَكَّرُ:} فعل مضارع. {أُولُوا:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، و {أُولُوا} مضاف، و {الْأَلْبابِ} مضاف إليه، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها.
تنبيه: قال ابن هشام في المغني: إذا تعلق الإعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل، فيقتصر عليهما، ولا يذكر المفعول، ولا ينوى؛ إذ المنوي كالثابت، ويسمى محذوفا؛ لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له، ومنه قوله تعالى:{رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ}. {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ،}{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا،}{وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ} إذ المعنى: ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة، وهل يستوي من يتصف بالعلم، ومن ينتفي عنه العلم، وأوقعوا الأكل والشرب، وذروا الإسراف، وإذا حصلت منك رؤية هنالك، ومنه على الأصح قوله تعالى في سورة القصص الآية رقم [٢٣]: {وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي..}. ألا ترى: أنه عليه الصلاة والسّلام إنما رحمهما؛ إذ كانتا على صفة الذياد، وقومهما على السقي، لا لكون مذودهما غنما ومسقيهم إبلا، وكذلك المقصود من قولها:(نسقي) السقي، لا المسقي، ومن لم يتأمل؛ قدّر: يسقون إبلهم، تذودان غنمهما، ولا نسقي غنمنا. انتهى.
الشرح:{قُلْ:} خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا:} الإيمان الصحيح، وهو:
الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان، والعمل بالأركان. ولما سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الإيمان.
قال:«الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره من الله تعالى». والإيمان يزيد، وينقص على المعتمد، كما رأيت في الآية رقم [٢] من سورة (الأنفال) وله شعب كثيرة هي سبع وسبعون شعبة، أعلاها: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، وهو بفتح الهمزة جمع: يمين بمعنى: الحلف بالله، أو بصفة من صفاته، أو باسم من أسمائه، واليمين أيضا: اليد اليمنى، وتجمع على: أيمان، كما في قوله تعالى:{أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} وهو كثير في القرآن الكريم، ولا يجمع بالمعنى الأول؛ لأنه مصدر.
{اِتَّقُوا رَبَّكُمْ:} خافوه، واعبدوه، فهو أمر من التقوى، وهي: حفظ النفس من العذاب الأخروي بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه؛ لأن أصل المادة من: الوقاية، وهي: الحفظ، والتحرز من المهالك في الدنيا، والآخرة، وانظر ما وصف الله به المتقين في أول سورة (البقرة) وأصل: «اتقوا»: اوتقوا، قلبت الواو تاء، وأدغمت التاء في التاء مثل: اتصل،