الإعراب:{ذلِكَ:} اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له:{بِما:} متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ. و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، وهي مبنية على السكون في محل جر بالباء. {قَدَّمَتْ:} ماض، والتاء للتأنيث. {يَداكَ:} فاعل مرفوع، وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة؛ لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف، التقدير: بالذي، أو بشيء قدمته يداك. {وَأَنَّ:} الواو: حرف عطف.
(أنّ): حرف مشبه بالفعل. {اللهَ:} اسمها. {لَيْسَ:} ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:«هو» يعود إلى {اللهَ}. {بِظَلاّمٍ:} الباء: حرف جر صلة. (ظلام): خبر {لَيْسَ} منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد. {لِلْعَبِيدِ:} متعلقان ب: (ظلام)، وجملة:{لَيْسَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} في محل رفع خبر (أنّ). وأن واسمها، وخبرها في تأويل مصدر في محل جر معطوف على (ما)، والجملة الاسمية:{ذلِكَ بِما..}. إلخ في محل نصب مقول القول محذوف، انظر تقديره في الشرح، والقول المقدر ومقوله كلام مستأنف لا محل له، وإذا قدرت الفعل:«ونقول له» فالجملة الفعلية معطوفة على جملة (نذيقه...) إلخ وبدون تقدير الواو معها فالجملة تكون في محل نصب حال من فاعل (نذيقه).
الشرح: قال أبو سعيد الخدري-رضي الله عنه-: أسلم رجل من اليهود فذهب بصره، وماله، فتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أقلني! فقال: «إن الإسلام لا يقال» فقال: إني لم أصب في ديني هذا خيرا، ذهب بصري، ومالي، وولدي، فقال:«يا يهوديّ! إن الإسلام يسبك الرجال، كما تسبك النار خبث الحديد، والفضة، والذهب». فأنزل الله هذه الآية.
وروى إسرائيل عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس-رضي الله عنهم أجمعين-: أنها نزلت في قوم من الأعراب، كانوا يقدمون المدينة مهاجرين من باديتهم، فكان أحدهم إذا قدم المدينة، فصح بها جسمه، ونتجت بها فرسه مهرا، وولدت امرأته غلاما، وكثر ماله؛ قال: هذا دين حسن، وقد أصبت فيه خيرا، واطمأن له، وإن أصابه مرض، وولدت امرأته جارية، ولم تلد فرسه، وقل ماله؛ قال: ما أصبت منذ دخلت في هذا الدين إلا شرا، فينقلب عن دينه، فذلك هو الفتنة، فأنزل الله هذه الآية. وهذا يعني: أن الآية وما بعدها مدنيات، وانظر ما ذكرته في أول السورة.