للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كانَ}: ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط. {هذا}: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع اسم {كانَ،} والهاء: حرف تنبيه لا محل له. {هُوَ}: ضمير فصل لا محل له، والكوفي يقول: هو حرف عماد. {الْحَقَّ}: خبر {كانَ} منصوب، هذا؛ وعلى قراءة الرفع {هُوَ الْحَقَّ} مبتدأ وخبر، والجملة الاسمية في محل نصب خبر {كانَ،} وجملة: {كانَ..}. إلخ لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال: لأنها جملة شرط غير ظرفي.

{مِنْ عِنْدِكَ}: متعلقان بمحذوف حال من {الْحَقَّ،} والكاف في محل جر بالإضافة، وجملة:

{فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً} في محل جزم جواب الشرط عند الجمهور، والدسوقي يقول: لا محل لها؛ لأنها لم تحل محل المفرد. {مِنَ السَّماءِ}: متعلقان بمحذوف صفة {حِجارَةً}. {أَوِ}:

حرف عطف. {اِئْتِنا}: أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنت»، و (نا): مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على جواب الشرط. {بِعَذابٍ}: متعلقان بالفعل قبلهما. {أَلِيمٍ}: صفة عذاب، والكلام: {اللهُمَّ إِنْ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالُوا..}. إلخ في محل جر بإضافة (إذ) إليها.

{وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)}

الشرح: {وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}: هذا بيان من الله تعالى لما كان الموجب لإمهالهم، وتأخير نزول العذاب بهم، وسببه وجود النبي صلّى الله عليه وسلّم فيهم، أي: إقامته في مكة المكرمة؛ لأن سنة الله في خلقه بأن لا يعذب قوما كافرين، ونبيهم بين أظهرهم، فإذا خرج وتركهم نزل العذاب بهم، وهذا لا ينافي قوله تعالى: {قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ} فإن المراد بالأول: عذاب الاستئصال، والمراد بالثاني: العذاب الحاصل بالمحاربة والمقاتلة، وهذا كان بعد هجرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومغادرته مكة المعظمة. {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}: اختلف بهذا الاستغفار، فقيل: المراد به ما كانوا يقولونه في طوافهم (غفرانك غفرانك) وقيل: المراد به استغفار المؤمنين المستضعفين المقيمين في مكة.

وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-المراد: أن فيهم من سبق له من الله العناية أنه يؤمن، ويستغفر مثل أبي سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وخالد بن الوليد وغيرهم، وقال أهل المعاني: دلت الآية الكريمة على أن الاستغفار أمان وسلامة من العذاب، فعن أبي موسى الأشعري-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الله أنزل عليّ أمانين لأمّتي: {وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة». أخرجه الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>