نزلت بمكة. روي ذلك عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، وجابر بن زيد وقتادة. وروي عن ابن عباس أيضا: أنها مكية، إلا خمس آيات، أولها:
{وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ} وبه قال قتادة، وقال مقاتل: ثماني آيات في سورة (الأعراف) مدنية، أولها:{وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ.}. إلى قوله:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ}. وهي مائتان وست آيات، وثلاثة آلاف، وثلاثمائة، وخمس وعشرون كلمة، وأربعة عشر ألف حرف، وعشرة أحرف.
انتهى خازن وانظر شرح الاستعاذة، والبسملة، وإعرابهما في أول سورة (الفاتحة).
الشرح:{المص:} قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: معناه: أنا الله أفصل. وعنه: أنا الله أعلم، وأفصل، وعنه أيضا: أن {المص} قسم أقسم الله به، وهو اسم من أسماء الله تعالى.
وقال قتادة:{المص} اسم من أسماء القرآن. وقال الحسن: هو اسم للسورة. وقال السدي: هو بعض اسمه تعالى: المصور. وقال أبو العالية: الألف: مفتاح اسم الله، واللام: مفتاح اسمه اللطيف، والميم: مفتاح اسمه مجيد، والصاد: مفتاح اسمه صادق، وصبور. وقيل: هي حروف مقطعة استأثر الله تعالى بعلمها، وهي سره في كتابه العزيز. وقيل: هي حروف اسمه الأعظم.
وقيل: هي حروف تحتوي معاني دل الله بها خلقه على مراده. وقد تقدم بسط الكلام على معاني الحروف المقطعة أوائل السور في أول سورة (البقرة) انتهى خازن بحروفه.
{كِتابٌ:} هو في اللغة: الضم، والجمع، وسميت الجماعة من الجيش: كتيبة لاجتماعهم، كما سمي الكاتب كاتبا؛ لأنه يضم الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه، ويرتبه. وفي الاصطلاح اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب، وفصول، ومسائل غالبا، والمراد به هنا القرآن الكريم؛ الذي أنزل على قلب محمد صلّى الله عليه وسلّم. {أُنْزِلَ إِلَيْكَ:} الخطاب للرسول صلّى الله عليه وسلّم. {فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ:} شك فيه، وسمي الشك حرجا؛ لأن الشاك ضيق الصدر حرجه، كما أن المتيقن منشرح الصدر منفسحه. أو المراد: ضيق الصدر من تبليغه مخافة أن تكذّب فيه، أو