للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان مبذرا. والحق أن الآية رقم [٢٩] الآتية، والآية رقم [٦٧] من سورة (الفرقان) هما الدستور، والميزان للإنفاق.

هذا؛ وخص الله هذه الثلاثة بالذكر هنا من بين الأصناف الثمانية المذكورة في الآية رقم [٦٠] من سورة (التوبة)؛ لأنه جلت قدرته أراد هاهنا بيان من يجب الإحسان إليه على كل من له مال، سواء أكان زكويا، أو لم يكن؟ وسواء أكان قبل الحول أم لم يكن؟ لأن المقصود هنا الشفقة العامة، وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم، وإن لم يكن للإنسان مال زائد، وإن لم يكن مالكا للنصاب، والفقير داخل في المسكين؛ لأن من أوصى للمساكين بشيء يصرف إلى الفقراء أيضا، وإذا نظرت إلى الباقين من الأصناف رأيتهم لا يجب صرف المال إليهم إلا على الذين وجبت الزكاة عليهم. وقدم القريب؛ لأن دفع حاجته واجب، سواء أكان في مخمصة، أو لم يكن، فلذلك قدم على من لا يجب دفع حاجته من غير مال الزكاة إلا إذا كان في شدة، وأما المسكين فحاجته ليست مختصة بموضع، فقدم على من حاجته مختصة بموضع دون موضع، وهو ابن السبيل. انتهى. جمل نقلا عن كرخي من سورة (الروم).

وينبغي أن تعلم أن {ذَا} بمعنى: صاحب، ويجمع جمع تكسير: (ذوين، وذوون) وتحذف نونهما للإضافة، ويجمع على غير لفظه (أولون، وأولين) وهو كثير مثل: أولو الألباب.

الإعراب: {وَآتِ:} الواو: حرف استئناف. (آت): أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {ذَا:} مفعول به أول منصوب، وعلامة نصبه الألف؛ لأنه من الأسماء الخمسة، و {ذَا:} مضاف، و {الْقُرْبى} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. {حَقَّهُ:} مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لمفعوله، أو فاعله. {وَالْمِسْكِينَ:} معطوف على المفعول الأول، و {وَابْنَ:} معطوف عليه أيضا، و (ابن): مضاف، و {السَّبِيلِ:} مضاف إليه وقد حذف المفعول الثاني: من كليهما، فإن التقدير: وآت المسكين حقه، وآت ابن السبيل حقه. وهذا مذكور في الآية رقم [٣٨] من سورة (الروم)، وجملة: {وَآتِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها، وعطفها على جملة: {فَلا تَقُلْ..}. إلخ لا بأس به، فتكون الآية: {رَبُّكُمْ..}. إلخ كلاما معترضا بين المتعاطفين، وجملة: {وَلا تُبَذِّرْ} معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {تَبْذِيراً} مفعول مطلق. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (٢٧)}

الشرح: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ} أي: أمثالهم في الشر، والفساد؛ إذ التضييع، والإتلاف للأموال بغير حق شر، أو هم أصدقاء الشياطين، وأتباعهم؛ لأنهم يطيعونهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>