المسجد، وصلّين مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه الجمعة، والعيدين، بل والصلوات الخمس، وصلّين مع الخلفاء الرّاشدين الجماعة، والجمعة، والعيدين، والأدلّة كثيرة لا أطيل الكلام بذكرها هنا، والذي يفهم قول الفاروق-رضي الله عنه-وسببه: أخطأ رجل، وأصابت امرأة؛ يفهم ما يفهم.
الإعراب:{وَأَقِيمُوا:} الواو: حرف عطف. ({أَقِيمُوا}): فعل أمر مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة؛ التي هي فاعله، والألف للتفريق. {الصَّلاةَ:} مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. لا محل لها أيضا، والتي بعدها معطوفة عليها. {مَعَ:} ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، وهو مضاف، و {الرّاكِعِينَ} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد.
الشرح:{أَتَأْمُرُونَ النّاسَ..}. إلخ: هذا استفهام معناه: التوبيخ، والتأنيب، والتقريع.
والمراد: علماء اليهود بالإجماع، ومثلهم علماء المسلمين المنافقين في كلّ زمان، ومكان، كما ستقف عليه. قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: كان يهود المدينة يقول الرّجل منهم لقريبه، ولصديقه من المسلمين: اثبت على ما أنت عليه، وما يأمرك به هذا الرّجل؛ فإن أمره حقّ.
يريدون النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكانوا يأمرون غيرهم بذلك، ولا يفعلونه.
وعنه أيضا كان الأحبار من اليهود يأمرون مقلّديهم، وأتباعهم باتّباع التوراة، وكانوا يخالفونها في جحدهم صفة محمد صلّى الله عليه وسلّم. وقال ابن جريج: كان الأحبار يحضّون على طاعة الله، وكانوا هم يواقعون المعاصي. وقال النّسفي، وغيره: نزلت الآية الكريمة في ذمّ أحبار اليهود، فقد كانوا يأمرون النّاس بالصّدقة، ولا يتصدّقون، وإذا أتوا بالصدقة ليفرّقوها؛ خانوا فيها.
هذا وقد جاء التّحذير، بل والنّكير، والوعيد الشّديد، والتّهديد لمن يخالف فعله قوله، وينهى غيره، وينسى نفسه في أحاديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، وخذ من ذلك ما يلي: فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-: أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يجاء بالرّجل يوم القيامة، فيلقى في النار، فتندلق أقتابه، فيدور بها، كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار عليه، فيقولون: يا فلان! ما شأنك؟ ألست كنت تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر؟! فيقول: كنت آمركم بالمعروف، ولا آتيه، وأنهاكم عن الشرّ، وآتيه». قال: وإني سمعته يقول: «مررت ليلة أسري بي بأقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قلت: من هؤلاء يا جبريل؟! قال: هؤلاء خطباء أمّتك الّذين يقولون ما لا يفعلون». رواه البخاريّ، ومسلم.
وعن أبي برزة الأسلميّ-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «مثل الّذي يعلّم الناس الخير، وينسى نفسه، مثل الفتيلة، تضيء للنّاس، وتحرق نفسها». رواه البزّار. وعن أبي هريرة