للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تهن الفقير علّك أن تر... كع يوما والدّهر قد رفعه

هذا؛ واختلف الناس في تخصيص الركوع بالذّكر دون ذكر بقية الأركان، فقال قوم: جعل الركوع عبارة عن الصلاة كلها. وقيل: عبر عن الصّلاة بالركوع ردّا على اليهود، والنصارى؛ لأن صلاتهم لا ركوع فيها. فكأنّ الله تعالى قال لهم: صلوا الصّلاة ذات الركوع في جماعة المسلمين.

هذا وفي قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ} أمر صريح بالصّلاة جماعة مع المصلين. وقد اختلف العلماء في حكم الصلاة في الجماعة، فالذي عليه الجمهور: أن الصلاة في الجماعة من السنن المؤكدة، وقد أوجبها بعض أهل العلم فرضا على الكفاية.

وفي بيان ثوابها يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة». أخرجه مسلم-رحمه الله تعالى-من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما. وقال الإمام أحمد، وداود الظاهري: الصّلاة في الجماعة فرض على كلّ أحد لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد». أخرجه أبو داود، وصحّحه أبو محمد عبد الحق، وهو قول عطاء، وأبي ثور، وغيرهما. وقال الشافعي-رحمه الله تعالى-: لا أرخص لمن قدر على الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر، حكاه ابن المنذر. أقول: والقول بالوجوب هو الحقّ للأحاديث الصّحيحة. وخذ ما يلي:

عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من سمع المنادي، فلم يمنعه من اتّباعه عذر-قالوا: وما العذر؟ قال: «خوف، أو مرض-لم تقبل منه الصّلاة التي صلّى».

رواه أبو داود، وابن حبّان في صحيحه، وابن ماجة بنحوه.

وعن أبي الدرداء-رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من ثلاثة في قرية، ولا بدو، لا تقام فيهم الصّلاة إلا استحوذ عليهم الشّيطان. فعليكم بالجماعة، فإنّما يأكل الذئب من الغنم القاصية». رواه أحمد، وأبو داود، والنّسائي، والحاكم، وابن خزيمة، وابن حبّان.

وعن معاذ بن أنس-رضي الله عنه-عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنه قال: «الجفاء كلّ الجفاء والكفر والنّفاق من سمع منادي الله ينادي إلى الصّلاة، فلا يجيبه». رواه الإمام أحمد، والطّبراني. وعن عمرو بن أم مكتوم-رضي الله عنه-قال: «قلت: يا رسول الله! أنا ضرير شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي، قال: أتسمع النّداء؟ قال: نعم، قال: ما أجد لك رخصة». رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، وابن خزيمة، وانظر ما ذكرته في تفسير قوله تعالى في سورة الفاتحة: {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ}. هذا وفي هذه الأيام كثر الهراء بمنع المرأة من الحضور إلى المساجد، واستدلّوا بأحاديث لم يفهموا مغزاها، ولم يدركوا معناها، ولم يعرفوا أسبابها، ومرماها، وقد ثبت: أنّ النّساء دخلن

<<  <  ج: ص:  >  >>