الصّلاة، فقد روي: أن أعرابيّا جاء إلى ابن عباس-رضي الله عنهما-فقال له: يا بن عباس أنت حبر الأمة، وترجمان القرآن، قد علّمك الله أسرار الكتاب، وفقّهك في الدين، فقل لي بربّك:
لماذا قرن الله الصلاة إلى الزكاة في القرآن في أكثر من ثلاثين آية؟ فقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: ذلك لتعلم: أن الصلاة، والزكاة توأمان، لا يقبل الله إحداهما بدون الأخرى، تلك حقّ الله، وهذه حقّ الناس. رضي الله عن الصدّيق الّذي سوّى بين المرتدين، ومانعي الزكاة في القتال، والمحاربة، كما هو معلوم، ومشهور. وخذ قول أحمد شوقي رحمه الله تعالى: [الوافر]
ولم أر مثل جمع المال داء... ولا مثل البخيل به مصابا
عجبت لمعشر صلّوا وصاموا... ظواهر خشية وتقى كذابا
وتلفيهم حيال المال صمّا... إذا داعي الزّكاة بهم أهابا
لقد كتموا نصيب الله منه... كأنّ الله لم يحص النّصابا
ومن يعدل بحبّ الله شيئا... كحبّ المال ضلّ هوى وخابا
وخذ قول أبي العتاهية الصّوفي رحمه الله تعالى: [الكامل]
أقم الصّلاة لوقتها بشروطها... فمن الضّلال تفاوت الميقات
وإذا اتّسعت برزق ربّك فاجعلن... منه الأجلّ لأوجه الصّدقات
في الأقربين وفي الأباعد تارة... إنّ الزّكاة قرينة الصّلوات
هذا؛ وقال القرطبي-رحمه الله تعالى-في غير هذا الموضع: وفي حديث: أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من فرّق بين ثلاث؛ فرق الله بينه وبين رحمته يوم القيامة: من قال: أطيع الله، ولا أطيع الرسول، والله يقول: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}. ومن قال: أقيم الصلاة ولا أوتي الزكاة، والله تعالى يقول: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ}. ومن فرّق بين شكر الله، وشكر والديه، والله عز وجل يقول: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ»}.
أمّا (الركوع) فهو في اللغة الانحناء في الشخص، وكلّ منحن راكع، قال لبيد-رضي الله عنه-: [الطويل]
أخبّر أخبار القرون الّتي مضت... أدبّ كأنّي كلّما قمت راكع
وقيل: الانحناء يعمّ الركوع والسجود، ويستعار أيضا للانحطاط في المنزلة، كما في قول الأضبط بن قريع السعدي، وهو الشاهد رقم [٧٠] من كتابنا: «فتح ربّ البرية». والشاهد [١٠٩٩] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»: [الخفيف]