للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلق بالفعل قبله، و {بَيْنَ} مضاف، و {عِبادِكَ} مضاف إليه، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {فِي ما:} جار ومجرور متعلقان بالفعل: {تَحْكُمُ،} و (ما) تحتمل الموصولة، والموصوفة، فهي مبنية على السكون في محل جر ب‍: (في). {كانُوا:} فعل ماض ناقص مبني على الضم، والواو اسمه، والألف للتفريق. {فِيهِ:} جار ومجرور متعلقان بما بعدهما، والجملة الفعلية: «يختلفون فيه» في محل نصب خبر (كان)، وجملة: {كانُوا..}. إلخ صلة {ما} أو صفتها، والعائد، أو الرابط: الضمير المجرور محلا ب‍: (في). هذا؛ والآية كلها في محل نصب مقول القول. وجملة: {قُلِ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧)}

الشرح: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم بالكفر، وارتكاب المعاصي، واجتراح السيئات. {ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} أي: صنوف الأموال كلها، وملكوا مثل ذلك معه. {لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ} أي: من العقاب الشديد، والعذاب الأليم، ولكنه لا يقبل منهم، كما صرح به سبحانه وتعالى في الآية رقم [٩١] من سورة (آل عمران)، ورقم [٣٦] من سورة (المائدة)، ورقم [١٨] من سورة (الرعد). وهذا؛ وعيد لهم شديد، وإقناط لهم من الخلاص.

{وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ..}. إلخ: قال القرطبي-رحمه الله تعالى-: من أجلّ ما روي فيه ما رواه منصور عن مجاهد قال: عملوا أعمالا توهموا: أنها حسنات، فإذا هي سيئات. وقاله السدّي.

وقيل: عملوا أعمالا توهموا: أنهم يتوبون منها قبل الموت، فأدركهم الموت قبل أن يتوبوا، وقد كانوا ظنوا: أنهم ينجون بالتوبة. وقال سفيان الثوري في هذه الآية: ويل لأهل الرياء، ويل لأهل الرياء، هذه آيتهم، وقصتهم. وقال عكرمة بن عمار: جزع محمد بن المنكدر عند موته جزعا شديدا، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: أخاف آية من كتاب الله: {وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ..}. إلخ، فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب. وهذه الآية غاية في الوعيد لا غاية وراءها. ونظيره في الوعد قوله تعالى في سورة (السجدة) رقم [١٧]: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ..}. إلخ.

هذا؛ والأكثرية الساحقة من المسلمين في هذه الأيام يتمنون الأماني الكاذبة، فتراهم يهملون واجبات الله تعالى، ويرتكبون المعاصي، والمنكرات، وهم مع ذلك يؤملون جنة عرضها السموات، والأرض، أعدت للمتقين، يقولون: الله غفور رحيم، النبي الكريم يشفع لنا، فتح لهم الشيطان باب هذه الأماني الكاذبة، وغرّهم بالله الغرور، فهم يجدون الله يوم القيامة قد أعد لهم العقاب الشديد، والعذاب الأليم، وقد بين النبي صلّى الله عليه وسلّم، هذا بصريح قوله: «ليس الإيمان بالتمنّي، ولكن ما وقر في القلب، وصدّقه العمل، إنّ قوما ألهتهم الأمانيّ حتى خرجوا من

<<  <  ج: ص:  >  >>