للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستجمع ذلك غيرهم من المهاجرين. هذا؛ وقال قتادة: هم أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: المراد: المهاجرون، والأنصار، والتابعون لهم بإحسان. وقال عكرمة: هم أهل الصلوات الخمس. والأصح التعميم؛ وإن نزلت الآية في حق الأولين؛ إذ دل الدليل على أن المسلمين الأولين الذين أتوا بعد السابقين لم يفتحوا بلدا، وتمكنوا منه إلا نشروا الإسلام في ربوعه، وفعلهم في الأندلس، وغيرها من بلاد العجم شاهد صدق على ما أقول.

{أَقامُوا الصَّلاةَ:} أدوها على الوجه الأكمل، وانظر الآية رقم [٣١ و ٥٨] من سورة (مريم) على نبينا، وعليها ألف صلاة، وألف سلام. {وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ:} وهو ما استحسنه الشرع، والعقل، والفطرة السليمة، والمنكر: ما استقبحه الشرع، والعقل، والفطرة السليمة. {وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} أي: آخر أمور الخلق، ومصيرها إليه تعالى؛ لأنه يبطل فيها كل ملك سوى ملكه، فتصير الأمور إليه بلا منازع. هذا؛ وإعلال (آتوا) و (نهوا) مثل إعلال: {تَوَلَّوْا} في الآية رقم [١٠٩] من سورة (الأنبياء).

الإعراب: {الَّذِينَ:} بدل من {الَّذِينَ أُخْرِجُوا..}. إلخ، أو بدل من {مِنْ} انظر التفسير، والشرح يتضح لك ذلك، أو هو في محل نصب مفعول به لفعل محذوف، تقديره: أعني، أو هو خبر مبتدأ محذوف، التقدير: هم الذين، والبدلية أقوى؛ لشدة ارتباط الكلام بعضه ببعض.

تأمل. {إِنْ:} حرف شرط جازم. {مَكَّنّاهُمْ:} ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، و (نا): فاعله، والهاء مفعوله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال:

لأنها جملة شرط غير ظرفي. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان بما قبلهما. {أَقامُوا:} ماض مبني على الضم في محل جزم جواب الشرط، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية. {الصَّلاةَ:} مفعول به، والجملة: (آتوا الزكاة...) إلخ كلها معطوفة على جملة جواب الشرط، و {إِنْ} ومدخولها صلة الموصول، فهو كلام لا محل له من الإعراب. {وَلِلّهِ:} الواو: حرف استئناف. (لله):

متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {عاقِبَةُ:} مبتدأ مؤخر، و {عاقِبَةُ} مضاف، و {الْأُمُورِ:} مضاف إليه، والجملة الاسمية مستأنفة لا محل لها.

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣)}

الشرح: في هذا الكلام تسلية للنبي، وتعزية عما كان يلقاه من أذى قومه له. أي: كان قبلك أنبياء كذّبوا، فصبروا، وأوذوا، فاحتملوا إلى أن أهلك الله المكذبين، فاقتد بهم، واصبر، فإنك منصور على قومك، كما نصرت الرسل على أقوامهم، وما أكثر مثل هذه التسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وإنك تجدها واضحة كل وضوح في سورة (الأنعام)، وإن أردت أن تعرف تفصيل ما جرى بين هؤلاء

<<  <  ج: ص:  >  >>