للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كيف): اسم استفهام وتعجب مبني على الفتح في محل نصب خبر {كانَ} تقدم عليها، وعلى اسمها. {كانَ}: ماض ناقص. {عِقابِ}: اسم {كانَ} مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف، وجملة: (كيف...) إلخ مستأنفة لا محل لها، وهي مفيدة للتعجب. هذا؛ وبعضهم يعتبر الواو عاطفة بقوله: {وَلَقَدِ} وبعضهم يعتبرها حرف استئناف، ويعتبر الجملة الآتية جوابا لقسم محذوف، ولا أسلمه أبدا؛ لأنه على هذا يكون قد حذف واو القسم، والمقسم به، ويصير التقدير: وو الله أقسم، أو وأقسم والله، وبعضهم يقول:

اللام موطئة للقسم، والموطئة معناها المؤذنة، وهذه اللام إنما تدخل على إن الشرطية لتدل على القسم المتقدم على الشرط، وتكون الجملة الآتية جوابا للقسم المدلول عليه باللام، والمتقدم على الشرط حكما، كما في قوله تعالى: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ..}. إلخ الآية رقم [١٢] من سورة (الحشر). افهم هذا؛ واحفظه فإنه جيد. فإن قيل: ما ذكرته من إعراب يؤدي إلى حذف المقسم به وبقاء حرف القسم، فالجواب: أن المقسم به قد حذف حذفا مطردا في أوائل السور مثل قوله تعالى: {وَالضُّحى،} {وَالسَّماءِ وَالطّارِقِ..}. إلخ فإن التقدير: وربّ الضّحى، وربّ السماء.

{أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣)}

الشرح: {أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ} أي: حافظها، ورازقها، ورقيب عليها: {بِما كَسَبَتْ} أي: بما عملت من خير أو شر، فيثيبها إن أحسنت، ويعاقبها إن أساءت، والجواب محذوف؛ إذ التقدير: كمن ليس بقائم، بل هو عاجز عن أي شيء، والمراد بذلك الأصنام التي لا تنفع ولا تضر. {وَجَعَلُوا} أي: كفار قريش. {لِلّهِ شُرَكاءَ} أي: أصناما أشركوها مع الله في العبادة، والله سبحانه هو المستحق للعبادة وحده. {قُلْ سَمُّوهُمْ} أي: يا محمد قل لهؤلاء الجهلة الذين عبدوا الحجارة: صفوهم وتعرفوا حقيقتهم، ثم انظروا هل هذه الحجارة جديرة بالعبادة والتقديس والتعظيم، والمعنى على التهديد، فقد سموا بعض الأصنام اللاّت، والعزّى، ومناة وهبل... إلخ.

{أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ} أي: أفتخبرون الله بشركاء يستحقون العبادة لا يعلمهم، أو بصفات لهم يستحقونها لا يعلمها، وهو العالم بكل شيء، ولو كان لعلمه. {أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ} أي: أم تسمون الأصنام آلهة بظاهر من القول، من غير حقيقة، واعتبار معنى، كتسمية كل زنجي كافورا، وهذا احتجاج بليغ على أسلوب عجيب ينادي على نفسه بالإعجاز. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>