للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {جَنّاتِ:} اسم {إِنَّ} مؤخر منصوب، وعلامة نصبه الكسرة نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مؤنث سالم، و {جَنّاتِ} مضاف، و {النَّعِيمِ} مضاف إليه، والجملة الاسمية: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين.

{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) أَمْ لَكُمْ كِتابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ (٣٧) إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (٣٨)}

الشرح: {أَفَنَجْعَلُ..}. إلخ: استفهام إنكاري توبيخي، ورد لقولهم: لو كان ما يقوله محمد حقا، فنحن نعطى في الآخرة خيرا مما يعطى هو ومن معه كما في الدنيا، وكأن العبارة مقلوبة، والأصل: أفنجعل المجرمين كالمسلمين؟؛ لأنهم جعلوا أنفسهم كالمسلمين، بل أفضل؟! فالمناسب: أن الإنكار متوجه لجعلهم المذكور. تأمل. انتهى. جمل. هذا؛ وفحوى هذه الآية مثل قوله تعالى في سورة (الحشر) رقم [٢٠]: {لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ..}. إلخ، وقوله تعالى في سورة (المائدة) رقم [١٠٠]: {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} وفي سورة (السجدة) رقم [١٨]: {أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ} وفي سورة (ص) رقم [٢٨]: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ} وفي سورة (الجاثية) رقم [٢١]: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ..}. إلخ.

{ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} هذا الحكم الأعوج، كأن أمر الجزاء مفوض إليكم حتى تحكموا فيه بما شئتم أن لكم من الخير ما للمسلمين المطيعين الممتثلين أمر الله فيما أمر، وفيما نهى عنه.

وفي الآية التفات إلى الخطاب بعد التكلم فيما قبلها، وانظر الالتفات في سورة (الملك) [٢٠].

{أَمْ لَكُمْ كِتابٌ} أي: منزل من عند الله. {فِيهِ تَدْرُسُونَ:} تقرؤون فيه: أن المسلم مثل المجرم، والمطيع مثل العاصي، فهو كقوله تعالى في سورة (الصافات) رقم [١٥٦ و ١٥٧]: {أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ}. {إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ} أي: لكم في هذا الكتاب ما تختارون، وما تشتهون. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {أَفَنَجْعَلُ:} (الهمزة): حرف استفهام توبيخي. (الفاء): حرف عطف. (نجعل):

فعل مضارع، والفاعل مستتر، تقديره: «نحن». {الْمُسْلِمِينَ:} مفعول به أول. {كَالْمُجْرِمِينَ:}

(الكاف): اسم بمعنى مثل مبنية على الفتح في محل نصب مفعول به ثان، والكاف مضاف، و (المجرمين) مضاف إليه، والجملة الفعلية معطوفة على جملة محذوفة؛ إذ التقدير: أنحيف في الحكم، فنجعل المسلمين كالمجرمين؟! والكلام مستأنف، لا محل له. {ما:} اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَكُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ،

<<  <  ج: ص:  >  >>