للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعمال «ليس» لأنها تكررت. {خَوْفٌ:} مبتدأ. {عَلَيْهِمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل خبر المبتدأ. ويجوز تعليقهما ب‍ ({خَوْفٌ}) لأنه مصدر، أو بمحذوف صفة له، وعليهما فالخبر محذوف، تقديره: حاصل، أو موجود. {وَلا:} الواو: حرف عطف. ({لا}): نافية مهملة، أو هي صلة لتأكيد النفي. {هُمْ:} ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ.

{يَحْزَنُونَ:} فعل مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على سابقتها؛ التي هي في محل جزم جواب الشرط، وقد اختلف في خبر (من) الواقعة مبتدأ، فابن هشام يرجّح: أن الخبر جملة الشرط. وبعضهم يقول: هو جملة الجواب. ويرجح المعاصرون: أن الخبر إنما هو جملتا الشرط، والجواب. والجملة الاسمية:

(من تبع) في محل جزم جواب (إن) الشرطية، وهو قول سيبويه، وقال الكسائي: جملة: {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} جواب الشرطين جميعا.

هذا وقرأ جماعة: («فلا خوف») بفتح الفاء على اعتبار (لا) عاملة عمل «إنّ» لنفي الجنس، والاختيار عند النحويين الرفع والتنوين على الابتداء؛ لأنّ الثاني معرفة لا يكون فيه إلا الرفع؛ لأن (لا) لا تعمل في معرفة، فاختاروا في الأول الرفع أيضا؛ ليكون الكلام من وجه واحد، ويجوز أن تكون (لا) في قولك: {فَلا خَوْفٌ} بمعنى ليس. انتهى قرطبي. أقول: وذكرت لك:

أنها إذا تكررت؛ أهملت، أي: لا تعمل عمل ليس، و (إمّا) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له من الإعراب.

تنبيه: أفرد الفاعل في الفعل {تَبِعَ} وجمع الضمير في قوله: {عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} مع كونهما عائدين على (من) التي هي اسم شرط جازم، ومبتدأ، لأن الفاعل عائد على لفظه، والضمير عائد على معناه، أو تقول: إن (من) تدل على العموم، أي: أيّ شخص تبع الهدى؛ فلا خوف عليهم.

{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩)}

الشرح: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا:} أي: بقلوبهم. {وَكَذَّبُوا:} أي: بألسنتهم، والمراد: الكافرون، ويشمل المنافقين. {أُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ:} جعل الكفار أصحاب النار بمعنى مالكيها بملازمتهم لها، وعدم انفكاكهم عنها، وقل مثله في أصحاب الجنة. {هُمْ فِيها خالِدُونَ:} مقيمون ماكثون لا محيد لهم عنها، ولا محيص، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أما أهل النار الذين هم أهلها؛ فإنّهم يموتون فيها، ولا يحيون، ولكن ناس أصابتهم النار بخطاياهم، فأماتتهم إماتة؛ حتى إذا صاروا فحما؛ أذن بالشّفاعة». رواه مسلم في كتاب الإيمان من حديث شعبة عن أبي مسلمة-رضي الله عنه-، والمذكورون في آخر الحديث عصاة المسلمين، يدخلون النار، ويعذّبون على حسب

<<  <  ج: ص:  >  >>