للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموصولة والموصوفة، والمصدرية، فعلى الأولين مبنية على السكون في محل جر ب‍: (عن)، والجملة الفعلية بعدها صلتها، أو صفتها، والعائد، أو الرابط محذوف؛ إذ التقدير عن الذي، أو عن شيء كنتم تعملونه، وعلى اعتبارها مصدرية تؤوّل مع ما بعدها بمصدر في محل جر ب‍: (عن) التقدير: عن عملكم. {كُنْتُمْ:} ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه، وجملة:

{تَعْمَلُونَ} في محل نصب خبر (كان). تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٩٤)}

الشرح: {وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ:} انظر شرح هذه الكلمات في الآية السابقة، وهذا تصريح بالنهي عنه بعد التضمين تأكيدا، ومبالغة في قبح المنهي، قال المفسرون: وهذا في نهي الذين بايعوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الإسلام، نهاهم عن نقض عهده؛ لأن الوعيد الذي بعده، وهو: قوله سبحانه وتعالى: {فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها} لا يليق بنقض عهد غيره.

{فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِها:} مثل يذكر لكل من وقع في بلاء، ومحنة بعد عافية، ونعمة، أو سقط في ورطة بعد سلامة. تقول العرب لكل واقع في بلاء بعد عافية: زلت قدمه. قال الشاعر: [الطويل]

سيمنع منك السّبق إن كنت سابقا... وتقتل إن زلّت بك القدمان

وقال زهير بن أبي سلمى: [الطويل]

تداركتما عبسا وقد ثلّ عرشها... وذبيان قد زلّت بأقدامها النّعل

ولا ريب: أنه استعارة للمستقيم الحال يقع في شرّ عظيم، ويسقط فيه، والمراد: أقدام كثيرة، وإنما وحّد ونكر للدلالة على: أنّ زلل قدم واحدة عظيم، فكيف بأقدام كثيرة؟!

{وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِما صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} أي: تذوقوا العذاب في الدنيا بسبب كفركم، ومنعكم الناس من الدخول في دين الإسلام. {وَلَكُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} أي: في الآخرة. هذا؛ والذوق يكون محسوسا، ومعنى، وقد يوضع موضع الابتلاء، والاختبار، تقول: اركب هذا الفرس فذقه؛ أي: اختبره. وانظر فلانا، فذق ما عنده، قال الشماخ يصف فرسا: [الطويل]

فذاق، فأعطته من اللّين جانبا... كفى ولها أن يغرق السّهم حاجز

وقد يعبّر بالذوق عمّا يطرأ على النفس، وإن لم يكن مطعوما؛ لإحساسها به كإحساسها بذوق المطعوم، قال عمر بن أبي ربيعة المخزومي: [الطويل]

فذق هجرها إن كنت تزعم أنّها... فساد ألا يا ربّما كذب الزّعم

<<  <  ج: ص:  >  >>