للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك، أو مثل، والملائكة، وسائر العالمين جنوده، فإذا كان الواحد من الملوك يقول: فعلنا، وإنا، ونحن... إلخ، ولا يريدون أنهم ثلاثة ملوك؛ فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء ومليكه هو أحق أن يقول: فعلنا، ونحن، وإنا... إلخ، مع أنه ليس له شريك، ولا مثل، بل له جنود السموات والأرض.

أقول: و (نا) هذه تسمى نون العظمة، وليست دالة على الجماعة، كما يزعم الملحدون والكافرون، فالله لا شريك له في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكثيرا ما يتكلم بها العبد، ذكرا كان، أو أنثى، فيقول: أخذنا، وأعطينا... إلخ، وليس معه أحد، والغاية من هذا الكلام الرد على النصارى الذين يدخلون الشبهة على السذج من المسلمين بأن الإله ثلاثة أقانيم:

الأب، والابن، وروح القدس، ويدعمون شبهتهم هذه بالألفاظ الموجودة في القرآن، والتي ظاهرها يفيد الجمع. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {إِنّا:} حرف مشبه بالفعل، و (نا): اسمه، حذفت نونها، وبقيت الألف دليلا عليها. {أَرْسَلْنا:} فعل، وفاعل، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ)، والجملة الاسمية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية. {إِلى قَوْمِهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من {نُوحاً،} والهاء في محل جر بالإضافة. {أَنْ:} حرف تفسير. {أَنْذِرْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر وجوبا، تقديره: «أنت»، والجملة الفعلية مفسرة للإرسال، لا محل لها. هذا؛ وإن اعتبرت {أَنْ} مصدرية فتؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: بالإنذار، والجار والمجرور متعلقان بالفعل {أَرْسَلْنا}. {قَوْمَكَ:} مفعول به، والكاف في محل جر بالإضافة. {مِنْ قَبْلِ:} متعلقان بالفعل {أَنْذِرْ}. {أَنْ يَأْتِيَهُمْ:} فعل مضارع منصوب ب‍: {أَنْ،} والهاء مفعول به. {عَذابٌ:} فاعله. {أَلِيمٌ:} صفة {عَذابٌ،} و {أَنْ} والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل جر بإضافة {قَبْلِ} إليه.

{قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢) أَنِ اُعْبُدُوا اللهَ وَاِتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (٣) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤)}

الشرح: {قالَ يا قَوْمِ:} أضافهم إلى نفسه، إظهارا للشفقة، وفي سورة (الشعراء) رقم [١٠٦]: {إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ؛} لأنه كان مولودا فيهم. {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} أي: بين الإنذار، موضح لحقيقة الأمر، أنذركم، وأخوفكم عقاب الله وانتقامه، فأمري واضح، ودعوتي ظاهرة، وقد ذكرت لك أن نوحا-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-أول نبي أرسل بشريعة.

ويقال له: شيخ المرسلين؛ لأنه أطولهم عمرا، فقد مكث في قومه كما قص علينا القرآن الكريم:

<<  <  ج: ص:  >  >>