للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّلام، فإنّه طويل، وجيد. {لِمَ:} كلمة مؤلفة من حرف، واسم، فالحرف: اللام الجارة، والاسم: (ما) الاستفهامية، وقد حذفت ألفها، كما تحذف مع كل جار، نحو قوله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها،} {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ،} {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} للفرق بين الموصولة، والاستفهامية. ويقال:

للفرق بين الخبر، والاستخبار. هذا؛ وقد وصف إبراهيم-عليه الصلاة والسّلام-الأصنام التي كان أبوه يعبدها بثلاثة أشياء، كل واحد منها قادح في الإلهية، وصفها بعدم السمع، وبعدم البصر، وبعدم الإغناء؛ أي: النفع في شيء من الأشياء، والعبادة هي غاية التعظيم للمعبود، فلا يستحقها إلا من له ولاية الإنعام وله، أوصاف الكمال، وهو الله تعالى، لذا فلا يستحق العبادة إلا هو.

الإعراب: {إِذْ:} ظرف لما مضى من الزمان، مبني على السكون في محل نصب بدلا من إبراهيم، وما بينهما اعتراض. وقال الزمخشري: متعلق ب‍: {كانَ} وهذا على رأي: من يجيز التعليق بالأفعال الناقصة. وقيل: متعلق ب‍: {صِدِّيقاً نَبِيًّا}. {قالَ:} ماض، والفاعل يعود إلى {إِبْراهِيمَ}. {لِأَبِيهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والهاء في محل جر بالإضافة. (يا): أداة نداء تنوب مناب «أدعو». (أبت):

منادى منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة، والمعوض عنها التاء كما رأيت في الشرح (لم) اللام: حرف جر، و {ما:} اسم استفهام مبني على السكون في محل جر باللام، وحذفت الألف الساكنة بسبب الجر، كما رأيت في الشرح، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بعدهما. {تَعْبُدُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «أنت». {ما:} اسم موصول، أو نكرة موصوفة مبنية على السكون في محل نصب مفعول به. {لا:} نافية.

{يَسْمَعُ:} مضارع، والفاعل يعود إلى (ما) وهو العائد، أو الرابط، والمفعول محذوف، تقديره:

صوتا، والجملة الفعلية صلة (ما) أو صفتها، وجملة: {وَلا يُبْصِرُ} مع المفعول المحذوف معطوفة عليها، وكذلك جملة: {وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} معطوفة عليها أيضا، ويجوز أن يكون {شَيْئاً} مفعولا به، وأن يكون نائب مفعول مطلق. هذا؛ والكلام: {يا أَبَتِ..}. إلخ كله في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ في محل جر بإضافة {إِذْ} إليها. تأمل، وتدبر.

{يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا (٤٣)}

الشرح: {يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ} أي: من اليقين، والمعرفة بالله، وما يكون بعد الموت، وأنّ من عبد غير الله عذب. {فَاتَّبِعْنِي:} إلى ما أدعوك إليه. {أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا:} أرشدك، وأدلك إلى دين مستقيم فيه النجاة، هذا فلم يسم أباه بالجهل المفرط، ولا نفسه بالعلم الفائق، بل جعل نفسه كرفيق له في مسير يكون أعرف بالطريق منه، ثم ثبطه عما كان عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>