مسألة، بل فائدة من هذه الآية: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-لعمر-رضي الله عنه-حين سأل مشيخة الصحابة-رضوان الله عليهم أجمعين-عن ليلة القدر، فقالوا: الله أعلم، فقال عمر: ما تقول يا بن عباس؟ فقال: يا أمير المؤمنين! إن الله تعالى خلق السموات سبعا، والأرضين سبعا، وخلق ابن آدم من سبع، وجعل رزقه في سبع، فأراها في ليلة سبع وعشرين، فقال عمر-رضي الله عنه-: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه؟! وهذا الحديث بطوله في مسند ابن أبي شيبة. فأراد ابن عباس-رضي الله عنهما-: خلق ابن دم من سبع بهذه الآية، وبقوله:
(وجعل رزقه في سبع) قوله تعالى: {فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا} آية رقم [٢٧] وما بعدها من سورة (عبس) السبع الأولى منها لا بن آدم، والأب للأنعام، والقضب يأكله ابن آدم، ويسمن منه النساء. هذا قول. وقيل:
القضب: البقول؛ لأنها تقضب، فهي رزق ابن آدم. انتهى. قرطبي بتصرف.
هذا؛ وأحفظ لا بن عباس-رضي الله عنهما-استدلالا آخر لليلة القدر؛ حيث عد كلمات سورة (القدر) فكانت ثلاثين كلمة بعدد أيام رمضان، ولياليه، ثم عدد كلماتها ثانية، فكانت لفظة الضمير (هي) السابعة والعشرين، فقال: هنا ليلة القدر؛ أي: في الليلة السابعة والعشرين، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب: {ثُمَّ:} حرف عطف. {خَلَقْنَا:} فعل، وفاعل، و {خَلَقْنَا} بمعنى: صيرنا، ولذا نصب مفعولين، والجملة الفعلية معطوفة على جملة: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا..}. إلخ لا محل لها مثلها، والجمل بعدها كلها معطوفة عليها، والأفعال كلها نصبت مفعولين. {آخَرَ:} صفة خلقا.
(تبارك): ماض. {اللهُ:} فاعله. {أَحْسَنُ:} بدل، أو خبر لمبتدأ محذوف، وليس بصفة؛ لأنه نكرة، وإن أضيف؛ لأن المضاف إليه عوض من «من» وعليه فالجملة الاسمية المقدرة: «هو أحسن الخالقين» في محل نصب حال من لفظ الجلالة، والرابط: الضمير المقدر مبتدأ، و {أَحْسَنُ:} مضاف، و {الْخالِقِينَ} مضاف إليه، وجملة (تبارك...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.
خاتمة: قال الجمل: اختلاف العواطف بالفاء، وثم؛ لتفاوت الاستحالات، يعني: إن بعضها مستبعد حصوله مما قبله، وهو معطوف ب: {ثُمَّ} فجعل الاستبعاد عقلا، أو رتبة بمنزلة التراخي، والبعد الحسي... إلخ. هذا؛ وقال ابن هشام في مغنيه: فالفاآت في الآية بمعنى «ثم» لتراخي معطوفاتها، وهو جيد جدا.
{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (١٦) وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ (١٧)}
الشرح: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ} أي: بعد الخلق المذكور في أطواره المختلفة.
{لَمَيِّتُونَ} أي: عند انقضاء آجالكم. {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ} أي: تخرجون من القبور وتحشرون للجزاء والحساب، والثواب، أو العقاب. هذا؛ وقد أكد الجملتين الاسميتين