للمخافة الثابتة في القلب، من:(الخبت)، وهو الأرض المستوية الواسعة. قال تعالى في سورة (الحج) رقم [٣٤]: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ.. الَّذِينَ..}. إلخ. {أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ}:
{أَصْحابُ}: جمع صاحب، ويكون بمعنى: المالك كما هنا، ويكون بمعنى الصديق، ويجمع أيضا على: صحب، وصحاب، وصحابة، وصحبة، وصحبان، ثم يجمع أصحاب على أصاحيب أيضا، ثم يخفف، فيقال: أصاحب هذا؛ وقد جعل المؤمنون المطيعون الخاشعون أصحاب الجنة بمعنى مالكيها لملازمتهم لها، وعدم انفكاكهم عنها، وقل مثله في أصحاب النار. {خالِدُونَ}: مقيمون لا يخرجون، ماكثون أبدا، لا يموتون، ولا يفنون.
تنبيه: لما ذكر الله عز وجل أحوال الكفار في الدنيا، وخسرانهم في الآخرة، أتبعه بذكر أحوال المؤمنين في الدنيا، وربحهم في الآخرة؛ إذ اقتضت سنة الله، وحكمته العالية، ورحمته الواسعة، ألا يذكر التكذيب من الكافرين، إلا ويذكر التصديق من المؤمنين، ولا يذكر الكفر، إلا ويذكر الإيمان، ولا يذكر النار إلا ويذكر الجنة، ولا يذكر الغضب والسخط إلا ويذكر الرضا والرحمة، ليكون المؤمن خائفا راجيا، وراهبا راغبا... إلخ، والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
الإعراب:{إِنَّ}: حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ}: اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها، وجملة:{آمَنُوا} مع المتعلق المحذوف صلة الموصول، وجملة:{وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ} معطوفة عليها، وجملة:{وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ} معطوفة على جملة الصلة لا محل لها أيضا، وانظر إعراب:{صَبَرُوا} في الآية رقم [١١]. {أُولئِكَ}: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له. {أَصْحابُ}: خبر المبتدأ، و {أَصْحابُ}:
مضاف، و {الْجَنَّةِ}: مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه، والجملة الاسمية:{أُولئِكَ..}. إلخ في محل رفع خبر {إِنَّ}. {رَبِّهِمْ}: ضمير منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {فِيها}: متعلقان بما بعدهما. {خالِدُونَ}: خبر المبتدأ مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من {أَصْحابُ الْجَنَّةِ،} أو من {الْجَنَّةِ} نفسها، والعامل في الحال اسم الإشارة، والرابط: الضمير على الاعتبارين، وفيها معنى التأكيد للكلام السابق، وجوز اعتبارها خبرا ثانيا ل {أُولئِكَ،} والأول أقوى، والجملة الاسمية:{إِنَّ الَّذِينَ..}. إلخ ابتدائية، أو مستأنفة لا محل لها على الاعتبارين.
الشرح:{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ..}. إلخ: قال الخازن رحمه الله تعالى: لما ذكر الله سبحانه وتعالى أحوال الكفار، وما كانوا عليه من العمى عن طريق الهدى والحق، ومن الصمم عن سماعه،