للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحلق لعذوبته، وصفائه. وقال الزجاج: السلسبيل في اللغة: اسم لما كان في غاية السّلاسة، فكأن العين سميت بصفتها. وقيل: حديدة الجرية سميت سلسبيلا؛ لأنها تسيل عليهم في طرقهم ومنازلهم، تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى سائر الجنان، وبه قال ابن عباس-رضي الله عنهما-. ومنه قول حسان بن ثابت-رضي الله عنه-في مدح آل جفنة قبل إسلامه: [الكامل]

يسقون من ورد البريص عليهم... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل

وقال أبو كبير الهذلي-وهو الشاهد رقم [٤٤٩] من كتابنا: «فتح رب البرية»، وهو في «فتح القريب المجيب» أيضا-: [الكامل]

أم لا سبيل إلى الشّباب وذكره... أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل

هذا؛ وقد عزوا إلى علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-أن معناه: سل سبيلا إليها، وهذا غير مستقيم على ظاهره إلا أن يراد أن جملة قول القائل: سل سبيلا جعلت علما للعين، كما قيل: (تأبط شرّا) و (ذرى حبّا) وسميت بذلك؛ لأنه لا يشرب منها إلا من سأل إليها سبيلا بالعمل الصالح، وهو مع استقامته في العربية تكلف، وابتداع، وعزوه إلى مثل علي-رضي الله عنه-أبدع، وفي شعر بعض المحدثين: [الخفيف]

سل سبيلا فيها إلى راحة النّف‍... س براح كأنّها سلسبيل

انتهى. كشاف واستبعد ابن هشام في المغني الاعتبارين. هذا؛ وقال صاحب منجد الطلاب: سلسبيل: اسم عين يقولون: إنها في الجنة. انتهى. نعم! نقول: إنها في الجنة، ولا حظ له فيها قطعا، بل هي محرمة عليه وعلى من على شاكلته بلا شك. وقال ابن الأعرابي:

لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن، وقال مكي: هو اسم أعجمي نكرة، فلذلك صرف، ووزنه مثل: دردبيس، وزنه: فعفليب. وانظر الآية.

الإعراب: {عَيْناً:} بدل من {زَنْجَبِيلاً}. وقيل: بدل من {كَأْساً،} وأجيز اعتباره منصوبا بفعل مضمر، أي: يسقون عينا، وأجيز نصبه بإسقاط الخافض، أي: من عين. {فِيها:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة {عَيْناً}. {تُسَمّى:} فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، ونائب الفاعل تقديره: «هي» يعود إلى {عَيْناً} وهو المفعول الأول. {سَلْسَبِيلاً:} مفعول به ثان، والجملة الفعلية في محل نصب صفة ثانية ل‍: {عَيْناً،} أو في محل نصب حال منها بعد وصفها.

{وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩)}

الشرح: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ} أي: غلمان لا يموتون، ولا يهرمون، ولا يتغيرون، ولا ينتقلون من حالة إلى حالة. ومنه قول امرئ القيس: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>