فيها ونقصت، وأدخلتها «البيعة» فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ، وزدت فيها ونقصت، وأدخلتها دار الورّاقين فتصفحوها، فلما أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان، رموا بها، فلم يشتروها، فعلمت: أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي! قال يحيى بن أكثم:
فحججت تلك السنة، فلقيت سفيان بن عيينة، فذكرت له الخبر، فقال لي: مصداق هذا في كتاب الله عز وجل. قال: قلت: في أي موضع؟ قال في قول الله تبارك وتعالى في التوراة والإنجيل:{بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللهِ} فجعل حفظه إليهم فضاع، وقال عز وجل:{إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} فحفظه الله عز وجل علينا، فلم يضع. انتهى. بحروفه. هذا والبيعة لليهود، والكنيسة للنصارى، فلك الحمد يا رب العالمين على حفظك كتابنا!
الإعراب:{إِنّا:} حرف مشبه بالفعل. و (نا): اسمها، وقد حذفت نونها للتخفيف، وبقيت الألف دليلا عليها. {نَحْنُ:} ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ، أو هو تأكيد لاسم (إنّ) على المحل، ولا يجوز أن يكون فصلا؛ لأن ما بعدها ليس معرفة، ولا ما قاربها، بل هو مما يقوم مقام النكرة: إذ هو جملة، والجمل تكون نعتا للنكرات، فحكمها حكم النكرات وجوز الجرجاني اعتباره فصلا. {نَزَّلْنَا الذِّكْرَ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية:{نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} في محل رفع خبر (إنّ)، أو الجملة الفعلية في محل رفع خبر (إنّ) على الاعتبارين الأخيرين في الضمير، والجملة الاسمية:
{إِنّا نَحْنُ..}. إلخ مستأنفة، أو ابتدائية لا محل لها. {لَهُ:} متعلقان بما بعدهما. {لَحافِظُونَ:}
خبر (إنّ) مرفوع... إلخ، واللام هي المزحلقة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، واعتبارها حالا من:(نا) الفاعل، أو من المفعول:{الذِّكْرَ} جيد، والرابط على الاعتبارين:
الشرح:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنا..}. إلخ قال الخازن: لما تجرأ كفار مكة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وخاطبوه بالسفاهة، وهو قولهم:{إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} أخبره الله عز وجل: أن عادة الكفار في قديم الزمان مع أنبيائهم كذلك؛ أي: فلك يا محمد أسوة في الصبر على أذى قومك بجميع الأنبياء، ففيه تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم. هذا؛ و {شِيَعِ} جمع: شيعة، وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة وأشياع، وأصله من التشيع، ومعنى الشيعة: الجماعة الذين يتبع بعضهم بعضا. وقيل: الشيعة هم الذين يتقوى بهم الإنسان، وفي «القاموس المحيط»: وشيعة الرجل بالكسر: أتباعه وأنصاره، والفرقة على حدة، وتقع على الواحد، والاثنين، والجمع، والمذكر، والمؤنث، وقد غلب هذا الاسم على كل من يتولى عليا بن أبي طالب، وأهل بيته، حتى صار اسما لهم خاصة،