أتت رذايا باديا كلالها... قد محنت واضطربت آطالها
أي: أتت النوق الرذايا المهزولة من السير جمع: رذية. والأطل: الخاصرة، وجمعها:
آطال. هذا؛ والتقوى: حفظ النفس من العذاب الأخروي بامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه؛ لأنّ أصل المادة من الوقاية، وهي الحفظ، والتحرز من المهالك في الدنيا، والاخرة. وانظر ما وصف الله به المتقين في أول سورة (البقرة)، وانظر الاية رقم [١٣] الاتية.
الإعراب: {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسمها. {يَغُضُّونَ:} مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله، والجملة الفعلية صلة الموصول، لا محلّ لها. {أَصْواتَهُمْ:} مفعول به، والهاء في محل جر بالإضافة. {عِنْدَ:}
ظرف مكان متعلق بالفعل قبله، و {عِنْدَ} مضاف، و {رَسُولِ} مضاف إليه، و {رَسُولِ} مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه. {أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ. {الَّذِينَ:}
اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل رفع خبر:
{إِنَّ،} وجملة: {اِمْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ} صلة الموصول، لا محلّ لها. {لِلتَّقْوى:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية:
{إِنَّ..}. إلخ، ابتدائية، أو مستأنفة، لا محلّ لها. {لَهُمْ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {مَغْفِرَةٌ:} مبتدأ مؤخر. {وَأَجْرٌ:} معطوف على ما قبله. {عَظِيمٌ:} صفة: (أجر) والجملة الاسمية مستأنفة، لا محلّ لها. هذا؛ وإن اعتبرت: {الَّذِينَ} بدلا من: {أُولئِكَ،} أو صفة له؛ فالجملة الاسمية تكون في محل رفع خبر: {أُولئِكَ}. وهو وجه صحيح لا غبار عليه.
{إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤)}
الشرح: نزلت الاية الكريمة في وفد بني تميم أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقت الظهيرة، وهو راقد؛ وفيهم الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، ونادوا النبي صلّى الله عليه وسلّم من وراء حجراته، وقالوا: اخرج إلينا يا محمد! فإن مدحنا زين، وذمّنا شين! فاستيقظ، وخرج إليهم، وقال: «ذاك الله عزّ وجل» ذكره الترمذي والإمام أحمد، والوراء: الجهة التي يواريها عنك الشخص بظله من خلف، أو قدام، وانظر ما ذكرته في الاية رقم [١٠] من سورة (الجاثية)، وإن المناداة نشأت من ذلك المكان.
والحجرة: الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها، وحظيرة الإبل تسمى:
الحجرة، وهي: «فعلة» بمعنى مفعولة، كالقبضة بمعنى مقبوضة، وجمعها: الحجرات، والمراد:
حجرات نساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكانت لكل منهن حجرة، ومناداتهم من ورائها لعلهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له، أو نادوه من وراء الحجرة، التي كان صلّى الله عليه وسلّم فيها، ولكنها جمعت إجلالا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والفعل وإن كان مسندا إلى جميعهم، فإنه يجوز أن يتولاه بعضهم، وكان