الآيات يدل على التعارض، والجواب: أن آية (الطور)، وآية (الصافات) رقم [٥٠] تنصان على أن التساؤل إنما يكون في الجنة بلا ريب بدليل الآيات التي قبلهما، والتي بعدهما، والآية هنا والتي في سورة (المؤمنون) تعارضان آية (الصافات) برقم [٢٧]. وقد قال ابن عباس-رضي الله عنهما-في حل هذا التعارض: إن للقيامة أحوالا، ومواطن، ففي موطن يشتد عليهم الخوف، فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل، فلا يتساءلون. هذا؛ ومخاصمة الكفار بعضهم بعضا، ولوم بعضهم بعضا يوم القيامة قد ذكر في كثير من الآيات القرآنية. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
هذا؛ وفي الآية الأولى تشبيه مرسل، ووجه الشبه: التلون، وفي الآية الثانية أيضا تشبيه مرسل، ووجه الشبه: التطاير، والتناثر.
الإعراب:{يَوْمَ:} ظرف زمان متعلق بفعل محذوف، تقديره: يقع، يدل عليه {واقِعٍ}.
وقيل: متعلق ب: (نراه)، أو بالفعل {يُبَصَّرُونَهُمْ}. وقيل: هو بدل من {قَرِيباً}. وقيل: هو بدل من قوله: {فِي يَوْمٍ} على القول الأول في تعليقه. وقيل: هو بدل من الضمير في (نراه) على اعتباره عائدا على يوم القيامة. {تَكُونُ:} فعل مضارع ناقص. {السَّماءُ:} اسم {تَكُونُ}. {كَالْمُهْلِ:}
جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر {تَكُونُ،} وإن اعتبرت الكاف اسما بمعنى: مثل؛ فهي الخبر، و {تَكُونُ} مضافة، و (المهل): مضاف إليه، والجملة الفعلية في محل جر بإضافة (يوم) إليها، والجملة بعدها معطوفة عليها، وهي في محل جر مثلها. {وَلا:}(الواو): حرف عطف.
(لا): نافية. {يَسْئَلُ:} فعل مضارع. {حَمِيمٌ:} فاعل. {حَمِيماً:} مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف، التقدير: ولا يسأل حميم حميما نصره، وشفاعته، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.
الشرح:{يُبَصَّرُونَهُمْ:} يرونهم، وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبه من الجن والإنس، فيبصر الرجل أباه، وأخاه، وقرابته، وعشيرته، فلا يسألهم، ولا يكلمهم، ويبصر حميمه، فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه. وقال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يتعارفون ساعة، ثم لا يتعارفون بعد تلك الساعة. انتهى. وقد قال تعالى في سورة (يونس) على نبينا، وحبيبنا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام في الآية رقم [٤٥]: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ..}. إلخ، ذكرت هناك: أن هذا التعارف تعارف توبيخ، وافتضاح، يقول بعضهم لبعض:
أنت أضللتني، وحملتني على الكفر، وليس تعارف مودة، وعطف، وشفقة، ثم يفر بعضهم من بعض مخافة المظالم لبعضهم على بعض. وقال مجاهد: المعنى: يبصر الله المؤمنين الكفار في