للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقدير: ويعقوب وصّى بنيه أيضا، والأول أقوى. هذا؛ ويقرأ بالنصب عطفا على {بَنِيهِ} وهو بعيد؛ لأنّ يعقوب لم يكن بين أولاد إبراهيم لمّا وصاهم. (يا): حرف نداء ينوب مناب أدعو.

(بني): منادى منصوب، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة، وياء المتكلم في محل جرّ بالإضافة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل.

{اللهَ:} اسمها. {اِصْطَفى:} فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف للتعذر، والفاعل يعود إلى {اللهَ،} والجملة الفعلية في محل رفع خبر: {إِنَّ}. {لَكُمُ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {الدِّينَ:} مفعول به، والكلام: {يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ..}. إلخ فيه وجهان: أحدهما: أنّه من مقول {إِبْراهِيمُ} وذلك على القول بعطف ({يَعْقُوبُ}) على {إِبْراهِيمُ}. الثاني: أنه من مقول ({يَعْقُوبُ}) على القول برفعه على الابتداء، ويكون قد حذف مقول {إِبْراهِيمُ} للدّلالة عليه، وعلى كل تقدير فالكلام منصوب بقول محذوف على رأي البصريين، أي: فقال: يا بني... إلخ، وبفعل الوصية؛ لأنها في معنى القول عند الكوفيين. انتهى. جمل نقلا من السّمين.

هذا؛ ومثل هذه الآية قوله تعالى في سورة (هود) رقم [٤٢]: {وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا..}. إلخ. حيث قال البصريون: إنّ قوله: {يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا..}. إلخ في محلّ نصب مقول القول لقول محذوف وقال الكوفيون: في محل نصب مفعول به للفعل: ({نادى}) وخذ قول الراجز، وهو الشاهد رقم [٧٦٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب»، فالقول فيه مثل الآيتين: [الرجز]

رجلان من مكة أخبرانا... إنّا رأينا رجلا عريانا

{فَلا:} الفاء: أراها الفصيحة، وابن هشام يعتبرها للسببية المحضة، ومن يجيز عطف الإنشاء على الخبر يعتبرها عاطفة. (لا): ناهية. {تَمُوتُنَّ:} فعل مضارع مجزوم ب‍ (لا) الناهية، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، وواو الجماعة المحذوفة المدلول عليها بالضمة: فاعله، ونون التوكيد حرف لا محل لها، والجملة الفعلية لا محل لها على جميع الوجوه المعتبرة بالفاء. {إِلاّ:} حرف حصر، والجملة الاسمية: {وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} في محل نصب حال مستثنى من عموم الأحوال، والرابط: الواو، والضمير.

{أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٣)}

الشرح: روي: أن اليهود قالوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ألست تعلم: أن يعقوب أوصى بنيه باليهودية يوم مات؟! فنزلت الآية الكريمة، وفيها توبيخ لهم، وتقريع. {شُهَداءَ:} حضورا، جمع: شاهد، وشهيد. {ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} أي: من بعد موتي. أراد تقريرهم على التوحيد، والإسلام، وأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>