وسرى، وأسرى بمعنى واحد، وهو قول أبي عبيدة، والثانية لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن الكريم هنا، وهما بمعنى: سار الليل عامته. وقيل: سرى لأول الليل، وأسرى لآخره، وهو قول الليث. وأما: سار؛ فهو مختص بالنهار، وليس مقلوبا من سرى، فهو بمعنى مشى.
هذا؛ والسّرى، والإسراء: السير في الليل، يقال: سرى، يسري، سرى، ومسرى، وسرية، وسراية؛ وأسرى إسراء. هذا؛ والسرى يذكر، ويؤنث، ولم يحك اللحياني فيه إلا التأنيث، كأنهم جعلوه جمع: سرية. {بِعِبادِي:} الإضافة إضافة تشريف، وتبجيل، وتفخيم، وتكريم، وذكر العبودية مقام عظيم، وكثيرا ما ذكر الله حبيبه محمدا صلّى الله عليه وسلّم بلفظ عبده. هذا؛ والعبد الإنسان، حرا كان، أو رقيقا، ويجمع على: عبيد، وعباد، وأعبد، وعبدان، وعبدة، وغير ذلك.
هذا؛ وأصل الوحي: الإشارة السريعة، والوحي: الكتاب المنزل على الرسول المرسل لقومه، مثل: موسى، وعيسى، ومحمد صلّى الله وسلم عليهم أجمعين. والوحي أيضا: الكتابة والرسالة، والإلهام، والكلام الخفي، وكل ما ألقيته إلى غيرك، وتسخير الطير لما خلق له إلهام، والوحي إلى النحل، وتسخيرها لما خلقها الله له إلهام، واختلف في الوحي إلى أم موسى، فقيل: كان في المنام، وقيل: كان إلهاما، وقيل: كان يكلمها جبريل.
الإعراب:{وَأَوْحَيْنا:} الواو: حرف استئناف. (أوحينا): فعل، وفاعل. {إِلى مُوسى:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وعلامة الجر كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. {أَنْ:} حرف تفسير. {أَسْرِ:} فعل أمر مبني على حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل مستتر فيه وجوبا تقديره:«أنت»، والجملة الفعلية مفسرة للإيحاء، لا محل لها. هذا؛ ويجيز بعضهم اعتبار {أَنْ} مصدرية تؤول مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بحرف جر محذوف، والمعتمد الأول. {بِعِبادِي:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، أو هما متعلقان بمحذوف حال من الفاعل المستتر، التقدير: مصحوبا بعبادي، وعلامة الجر كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم، منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {إِنَّكُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف ضمير متصل في محل نصب اسمها. {مُتَّبَعُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه جمع مذكر سالم، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة الاسمية:{إِنَّكُمْ..}. إلخ تعليل للأمر.
الشرح: لما علم فرعون بخروج بني إسرائيل عند الصباح أمر جنوده، وأعوانه، وعساكره أن يجمعوا الناس من جميع المدائن، وكانت ألف مدينة، واثني عشر ألف قرية، فعن ابن عباس-رضي