للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بضع وثمانين آية منها. زاد بعضهم، فقالوا: يا محمد! ألست تزعم: أنّ عيسى كلمة الله، وروح منه؟ قال: بلى! قالوا: حسبنا، ثمّ أبوا إلا جحودا إلى أن آل أمرهم إلى أن دعاهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المباهلة المذكورة في الآية [٦١] الآتية.

الإعراب: {اللهُ:} مبتدأ. {لا:} نافية للجنس تعمل عمل «إنّ». {إِلهَ:} اسمها مبني على الفتح في محل نصب، والخبر محذوف، تقديره: موجود. {إِلاّ:} حرف حصر لا محل له.

{هُوَ:} ضمير منفصل فيه ثلاثة أوجه: الأوّل: كونه بدلا من اسم ({لا}) على المحل؛ إذ محله الرّفع على الابتداء، والثاني: كونه بدلا من {لا} وما عملت فيه؛ لأنها وما بعدها في محل رفع بالابتداء عند سيبويه، والثالث: كونه بدلا من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، وهو الأقوى. {الْحَيُّ:} يجوز فيه أربعة أوجه: أحدها أن يكون بدلا من: {هُوَ} بدل ظاهر من مضمر، الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو الحيّ، وحسن حذفه توالي اللفظ ب‍ {هُوَ} مرتين، والثالث: أن يكون خبرا ثانيا لقوله: {اللهُ} أخبر عنه أولا بقوله: {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} وذلك عند من يرى تعدّد الخبر مختلفا بالإفراد، والجملة، الرابع: أن يكون صفة للضمير، وذلك عند الكسائي، فإنه يجيز وصف الضمير الغائب بصفة مدح، فهو يشترط هذين الشّرطين:

أن يكون غائبا، وأن تكون الصفة صفة مدح. {الْقَيُّومُ:} يجري فيه ما جرى في سابقه، وإن اعتبرته بدلا من: {الْحَيُّ} فلست مفندا، وهو الأقوى؛ لأنهما اسمان كريمان من أسماء الله الحسنى على المعتمد. والله أعلم، وأجلّ، وأكرم. والجملة الاسمية: {اللهُ} إلخ مستأنفة لا محلّ لها. هذا، وقال مكي: {اللهُ:} مبتدأ، وخبره: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ} و {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} ابتداء وخبر في موضع الحال من: {اللهُ} وقيل: من المضمر في: {نَزَّلَ} تقديره: الله نزل عليك الكتاب متوحدا بالربوبية، وقيل: هو بدل من موضع {لا إِلهَ،} ثمّ قال: {الْحَيُّ الْقَيُّومُ:} نعتان ل‍ {اللهُ} تبارك وتعالى. وكلّ ما قاله غير جار على سنن العربية.

{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ (٣)}

الشرح: {نَزَّلَ عَلَيْكَ:} قال: {نَزَّلَ} بالنسبة للقرآن الكريم، وقال: ({أَنْزَلَ}) بالنسبة للتّوراة؛ لأن الأول يفيد التكثير، مرّة بعد مرّة، وهو ما اتصف به القرآن؛ لأنه نزل مفرقا في ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع، ومقتضيات الأحوال على ما نرى عليه الشّعر، والخطابة، بخلاف التوراة والإنجيل، فإنّهما نزلا دفعة واحدة. ونزول القرآن مفرّقا كان ممّا يريب الكافرين، كما حكى الله سبحانه عنهم بقوله: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً} فبيّن سبحانه الحكمة من ذلك بقوله: {كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً} الآية رقم [٣٢] من سورة (الفرقان).

<<  <  ج: ص:  >  >>