للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ و {الْكِتابَ} في اللغة: الضم، والجمع، وسمّيت الجماعة من الجيش كتيبة لاجتماع أفرادها على رأي واحد، وخطّة واحدة، كما سمّي الكاتب كاتبا؛ لأنه يضمّ الكلام بعضه إلى بعض، ويجمعه، ويرتّبه، وفي الاصطلاح: اسم لجملة مختصة من العلم، مشتملة على أبواب وفصول، ومسائل غالبا. وقد أكثر الشّعراء في مدح الكتاب.

وبالجملة: فالكتاب هو نعم الذّخر، والشّغل، والحرفة، جليس لا يضرّك، ورفيق لا يملّك، يطيعك باللّيل طاعته بالنّهار، ويطيعك في السّفر طاعته في الحضر، إن ألفته على الأيام؛ خلّد ذكرك، وإن درسته؛ رفع بين النّاس قدرك. وإن أردت الزّيادة؛ فانظر الآية رقم [١٠١] من سورة (البقرة).

{بِالْحَقِّ:} الحق: خلاف الباطل، وضدّه، قال الراغب-رحمه الله تعالى-: أصل الحق المطابقة، والموافقة، كمطابقة رجل الدّار في حقّه لدورانه على الاستقامة. والحقّ يقال لموجد الشيء بحسب ما تقتضيه الحكمة، ولذلك قيل في الله تعالى: هو الحقّ. وللموجود بحسب مقتضى الحكمة: حقّ، ولذلك يقال: فعل الله كله حقّ، نحو الموت، والحساب... إلخ.

وللاعتقاد في الشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه، نحو: اعتقاد زيد في الجنة حقّ، وللفعل والقول الواقعين بحسب ما يجب، وقدر ما يجب، في الوقت الذي يجب، نحو: قولك حق، وفعلك حق، ويقال: أحققت ذا، أي: أثبته حقّا، أو حكمت بكونه حقّا. انتهى بغدادي.

{مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} يعني: لما قبله من الكتب المتقدّمة المنزلة على الأنبياء، والمرسلين، فهي تصدّقه بما أخبرت به، وبشّرت في قديم الزمان، وهو يصدّقها؛ لأنّه وافق ما أخبرت به، وبشّرت من الوعد من الله بإرسال محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وإنزال القرآن الكريم.

هذا؛ وقوله: {لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} من مجاز الكلام، وذلك: أنّ (ما {بَيْنَ يَدَيْهِ}): أمامه فقيل: كلّ شيء تقدّم على الشّيء: هو بين يديه لغاية ظهوره، واشتهاره. هذا؛ والتوراة: هي الكتاب الذي أنزل على موسى، عليه الصلاة والسّلام. والتوراة معناها: الضّياء، والنور، مشتقّة من: ورى الزند: إذا خرجت ناره، وأصلها: تورية على وزن تفعلة، التاء زائدة، وتحرّكت الياء، وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا. وقيل: التوراة مأخوذة من التّورية، وهي: التعريض بالشيء، والكتمان لغيره، فكان أكثر التّوراة معاريض، وتلويحات من غير تصريح، وإيضاح. هذا قول المؤرّج، والجمهور على القول الأوّل، لقوله تعالى في سورة (الأنبياء) رقم [٤٨]: {وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} هذا؛ وأنّثت التوراة نظيرة لموماة، ودوداة، ونحوها في كلام العرب. ويجمع التوراة على: توار.

والإنجيل: هو الكتاب الذي أنزل على عيسى، على نبينا، وعليه ألف صلاة وألف سلام، يذكّر، ويؤنّث، فمن أنّث؛ أراد الصحيفة، ومن ذكّر؛ أراد الكتاب، وهو الأكثر. ويجمع على أنا جيل، وهو مشتقّ من النّجل، وهو الأصل، كأنه أصل الدّين يرجع إليه، ويؤتمّ به، ومنه سمي الولد، والنّسل: نجلا لخروجه من والديه، كما قال الشاعر: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>