وقال الزهري وقتادة: هي نزول الملائكة بالبشارة من الله عند الموت، ويدل عليه قوله تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ..}. إلخ وأيضا قوله تعالى:{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاّ تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ،} وقيل: هي الثناء الحسن، ويدل على ذلك ما جاء عن أبي ذر قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه، قال: تلك عاجل بشرى المؤمن؟». أخرجه مسلم، وقال الحسن: هي ما بشر الله به المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه، ويدل عليه قوله تعالى:{لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ} يعني: لا خلف لوعد الله الذي وعد به أولياءه على طاعته في كتابه، وعلى ألسنة رسله، ولا تغيير لذلك الوعد. {ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} أي: ما يصير إليه أولياؤه فهو الفوز العظيم. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.
الإعراب:{لَهُمُ}: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم. {الْبُشْرى}: مبتدأ مؤخر مرفوع، وعلامة رفعه الضمة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «الذين» على وجه مر ذكره، أو هي مستأنفة لا محل لها. {فِي الْحَياةِ}: متعلقان ب {الْبُشْرى؛} لأنه مصدر، وقيل: متعلقان بمحذوف حال من {الْبُشْرى،} وكثير لا يجيزون وقوع الحال من المبتدأ. {الدُّنْيا}: صفة: {الْحَياةِ} مجرور... إلخ. {وَفِي الْآخِرَةِ}: معطوفان على ما قبلهما. {لا}: نافية للجنس تعمل عمل (إن). {تَبْدِيلَ}: اسم {لا} مبني على الفتح في محل نصب. {لِكَلِماتِ}: متعلقان بمحذوف خبر: {لا،} وانظر إعراب: {لا رَيْبَ فِيهِ} في الآية رقم [٣٧]، ففيها الكفاية، و (كلمات) مضاف، و {اللهِ} مضاف إليه، وجملة:{لا تَبْدِيلَ..}. إلخ معترضة لا محل لها. {ذلِكَ}: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب لا محل له. {هُوَ}: ضمير فصل لا محل له.
{الْفَوْزُ}: خبر المبتدأ. {الْعَظِيمُ}: صفة، هذا؛ وإن اعتبرت {هُوَ} مبتدأ ثانيا ف {الْفَوْزُ} خبره، والجملة الاسمية خبر ذلك، والجملة الاسمية:{ذلِكَ..}. إلخ معترضة في آخر الكلام كالتي قبلها لتحقيق المبشر به، وتعظيم شأنه، وليس من شرط الاعتراض أن يقع بعده كلام يتصل به. وإن اعتبرت الجملتين مستأنفتين؛ فلا محل لهما أيضا.
الشرح:{وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} أي: لا يهمك، ولا يغمك، ولا يخوفك كفرهم، وتهديدهم ووعيدهم، والخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، هذا؛ ويقرأ الفعل بفتح الياء من الثلاثي، وبضمها من الرباعي، والمعنى واحد، والأول من باب فرح وطرب، وهي لغة قريش، والرباعي لغة تميم، وهو متعدّ على اللغتين، مثل سلكه وأسلكه. انتهى. مختار بتصرف.