للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طريق التبليغ، كما يفعل الملوك، يرى الواحد منهم الرأي، فيبلغه للخاصة، ثم يبلغونه للعامة، وهذا الوجه قريب من الثاني في المعنى. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

(الملأ): الأشراف، والسادة، ولا يقال لغيرهم؛ لأنهم يملؤون العيون بكبريائهم، وزينتهم، وما يحاطون به من هيبة، وعظمة، وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه مثل: معشر، ورهط، ونحوهما. والملأ: رجال لا امرأة فيهم، والملأ: الخلق، وفي حديث: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه حين همّوا بضرب الأعرابي الذي بال في المسجد: «أحسنوا أملاءكم» فقد جمع بهذا المعنى، كما يجمع في المعنى المتقدم، قال الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته: [الخفيف]

أيّما خطّة أردتم فأدّو... ها إلينا تمشي بها الأملاء

الساحر: هو الذي يستعمل السحر، وهو كل ما لطف، ودق، يقال: سحره: إذا أبدى له أمرا يدق عليه، ويخفى. وقال الغزالي في «الإحياء» ما نصه: السحر نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر، وبأمور حسابية في مطالع النجوم، فيتخذ من تلك الجواهر هيكل على صورة الشخص المسحور، ويترصد له وقت مخصوص من المطالع، وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفر، والفحش المخالف للشرع، ويتوصل بسببها إلى الاستعانة بالشياطين، ويحصل من مجموع ذلك بحكم إجراء الله العادة أحوال غريبة في الشخص المسحور. هذا؛ والمعتمد أنّ تعلمه لدفع الضرر عن نفسه، أو عن غيره، أو اتخذه الشخص ذريعة للاتقاء عن الاغترار بمثله وبقي على الإيمان، فلا كفر باعتقاد حقيقته، وجواز العمل به من غير إضرار بأحد. ومعنى (ساحر عليم) متفوق في علم السحر.

الإعراب: {قالَ:} فعل ماض، وفاعله يعود إلى {فِرْعَوْنُ}. {لِلْمَلَإِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما. {حَوْلَهُ:} ظرف مكان متعلق بمحذوف حال من (الملأ)، والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة. {إِنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {هذا:} الهاء: حرف تنبيه للمخاطب ينبه به على ما يساق من الكلام. (ذا): اسم إشارة مبني على السكون في محل نصب اسم: {إِنَّ}.

{لَساحِرٌ:} اللام: هي المزحلقة. ساحر: خبر: {إِنَّ}. {عَلِيمٌ:} صفة له، والجملة الاسمية:

{إِنَّ هذا..}. إلخ في محل نصب مقول القول، وجملة: {قالَ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَماذا تَأْمُرُونَ (٣٥)}

الشرح: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ:} هذا من بقية الكلام الذي قبله، وهو قول فرعون للملأ. {فَماذا تَأْمُرُونَ:} بمعنى ماذا تشيرون، من المشاورة، والائتمار: التشاور في أمر من الأمور، وهو أولى من اعتباره من الأمر المعروف. هذا؛ ويقرأ: {تَأْمُرُونَ} بفتح النون، وكسرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>