للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ:} إعرابها مثل إعراب سابقتها، وهي معطوفة على ما قبلها المقدّرة، وهي: وجئتكم لأحل لكم... إلخ، وكررت الجملة للتوكيد. {فَاتَّقُوا:} الفاء: هي الفصيحة. (اتقوا {اللهَ}): فعل أمر، وفاعله، ومفعوله، والجملة الفعلية لا محلّ لها؛ لأنها جواب لشرط غير جازم، التقدير: وإذا كان ما ذكر حاصلا، وواقعا؛ فاتقوا الله. {وَأَطِيعُونِ:} الواو:

حرف عطف. ({أَطِيعُونِ}): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والنون للوقاية، وياء المتكلم المحذوفة المدلول عليها بالكسرة مفعول به، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.

{إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٥١)}

الشرح: {اللهَ:} انظر الآية رقم [٢]. {رَبِّي:} مالكي، وسيدي، ومولاي.

{وَرَبُّكُمْ:} مالككم، وسيدكم، ومتولّي أموركم. هذا؛ والربّ يطلق، ويراد به المالك، والسيد، ومنه قوله تعالى، حكاية عن قول يوسف الصديق-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {اِرْجِعْ إِلى رَبِّكَ} وقوله تعالى: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ} وقوله تعالى: {أَمّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً}. وقال الأعشى: [الكامل]

ربّي كريم لا يكدّر نعمة... وإذا تنوشد في المهارق أنشدا

كما يقال: رب الدار، ورب الأسرة؛ أي: مالكها، ومتولّي شئونها، كما يراد المربّي، والمصلح. يقال: ربّ فلان الضيعة، يربّها: إذا أصلحها. والله ربّ العالمين: مالكهم، ومربيهم، وموصلهم إلى كمالهم شيئا فشيئا، يجعل النطفة علقة، ثم يجعل العلقة مضغة، ثم يجعل المضغة عظاما، ثم يكسو العظام لحما، ثم يصوره، ويجعل فيه الروح، ثم يخرجه خلقا، وهو صغير ضعيف، فلا يزال ينمّيه، وينشّيه؛ حتى يجعله رجلا، أو امرأة كاملين. هذا؛ ولا يطلق لفظ الرب على غير الله تعالى إلا مقيدا بالإضافة، مثل قولك: ربّ الدار، ورب الناقة، ونحو ذلك، وقد قالوه في الجاهلية للملك. قال الحارث بن حلّزة في معلقته رقم [٣٨]: [الخفيف]

وهو الرّبّ والشّهيد على يو... م الحيارين والبلاء بلاء

والربّ: المعبود بحق، وهو المراد به عند الإطلاق، ومنه قول راشد بن عبد ربّه السلمي الصّحابي-رضي الله عنه، وهو الشاهد رقم [١٥٧] من كتابنا: «فتح القريب المجيب» -: [الطويل]

أربّ يبول الثّعلبان برأسه... لقد هان من بالت عليه الثّعالب

ولا يجمع إذا كان بهذا المعنى، ويجمع إذا كان معبودا بالباطل، قال تعالى حكاية عن قول يوسف-عليه السّلام-لصاحبي السّجن: {أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهّارُ}. كما يجمع إذا كان بأحد المعاني السابقة، قال الشاعر: [الطويل]

<<  <  ج: ص:  >  >>