الإعراب:{الَّذِينَ:} اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة: {الظّالِمِينَ،} أو بدل منه، أو في محل رفع خبر لمبتدإ محذوف، التقدير: هم الذين. أو في محل رفع مبتدأ خبره محذوف، تقديره: خاسرون، أو خائبون، ونحوهما. أو في محل نصب بفعل محذوف.
و {سَبِيلِ:} مضاف، و {اللهِ:} مضاف إليه، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها.
(يبغونها): فعل، وفاعل ومفعول به أول، وقد كان الضمير مجرورا بحرف الجر، فلما حذف الجار اتصل بالفعل وانتصب به، على حد قوله تعالى:{وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}. {عِوَجاً:} مفعول به ثان على التوسع. هذا؛ وقد قيل: إن الضمير مفعول به صراحة، و {عِوَجاً} حال من الضمير، بمعنى معوجة، ولا بأس به. والجملة الفعلية معطوفة على جملة الصلة لا محل لها مثلها. (هم):
ضمير رفع منفصل مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {بِالْآخِرَةِ:} متعلقان بما بعدهما.
{كافِرُونَ:} خبر مرفوع... إلخ، والجملة الاسمية في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الواو، والضمير، وهو أولى من الاستئناف. تأمل، وتدبر وربك أعلم، وأجل، وأكرم.
الشرح:{وَبَيْنَهُما حِجابٌ:} بين الجنة، والنار. وقيل: بين أهليهما حجاب، أي: ساتر، أو حاجز يحجز بينهما، وهو المذكور في قوله تعالى:{فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ}. والأعراف أعالي السور المذكور، وهو جمع: عرف، وهو كل مرتفع، ومنه قيل: عرف الديك، لارتفاعه على ما سواه من الجسد، وهو بضم العين، والعرف: المعروف، قال تعالى لنبيه:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ}. هذا؛ والعرف (بفتح العين): الريح طيبة كانت، أو منتنة. {رِجالٌ:} جمع: رجل، وهو مأخوذ من الرجولة، وهي البطولة، والشهامة، وغيرهما. وقد اختلف في هؤلاء الرجال اختلافا كبيرا، وأرجّح: أنهم رجال استوت حسناتهم، وسيئاتهم، وهم من أهل التوحيد، فيوقفون على هذا السور، يتفضل الله عليهم بدخول الجنة.
ومساق الآيات الآتية يؤكد هذا. {يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ:} أولئك الرجال يعرفون كلاّ من أهل الجنة، وأهل النار بالعلامات التي تكون على وجوههم، فعلامات أهل الجنة بياض الوجوه، وبهجة النعيم عليهم. وعلامات أهل النار سواد الوجوه، وزرقة العيون. {وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ} أي: ينادي أولئك الرجال أهل الجنة، ويقولون لهم:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ} أي: حصل لكم السلامة من الآفات، وحصل لكم الأمن من غضب الله، وسخطه، وحصل لكم الأمن من دخول النار. {لَمْ يَدْخُلُوها} أي: أولئك الرجال لم يدخلوا الجنة، وهم لا يزالون على الأعراف، ولكنهم طامعون في دخولها، لم يقطعوا أملهم من كرم الله، وجوده. هذا؛ وإعلال:(نادوا) شبيه بإعلال: {تَحْيَوْنَ} في الآية رقم [٢٤]: