للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ضمير لا يعلم ما يعنى به إلا ما يتلوه من بيانه، ولا يقال له: ضمير القصة؛ لأن ضمير القصة يجب تفسيره بجملة، ومعناه: لا حياة إلا هذه الحياة الدنيا. {نَمُوتُ وَنَحْيا:} قيل: معناه:

نحيا، ونموت، كما في قوله تعالى: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} وقيل: نموت، أي: الآباء، ونحيا، أي: الأولاد، وقيل: المعنى: يموت قوم، ويحيا قوم. هذا؛ وفيهما مطابقة بين الموت والحياة، وهي من المحسنات البديعية، كما هو معروف، ومسطور. {وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} أي: من القبور بعد الموت، فهم يقرون بالموت، ويعترفون بوقوعه، ولكنهم ينكرون البعث، والحشر للحساب، والجزاء، وهذا ديدن الأمم السابقة في ذلك، وقريش كانت أشد الإنكار له، وفي عصرنا هذا؛ وجد كثيرون ينكرونه، وهم من أبناء المسلمين، فإذا كان كفار قريش قالوا كما حكى الله عنهم: {وَقالُوا ما هِيَ إِلاّ حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلاَّ الدَّهْرُ} فأبناء المسلمين الملحدون يقولون: إن هي إلا أرحام تدفع، وأرض تبلع.

الإعراب: {إِنْ:} حرف نفي بمعنى «ما». {هِيَ:} ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. {إِلاّ:} حرف حصر. {حَياتُنَا:} خبر المبتدأ، و (نا): في محل جر بالإضافة.

{الدُّنْيا:} صفة له مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف. {نَمُوتُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن»، والجملة الفعلية في محل نصب حال من (نا)، والرابط: الضمير فقط.

وقول الجمل: جملة مفسرة لما ادعوه من أن حياتهم هي الحياة الدنيا؛ هذا حل معنى، لا حل إعراب، تأمّل. وجملة {وَنَحْيا} معطوفة عليها، فهي في محل نصب حال مثلها. {وَما:} الواو:

حرف عطف، أو هي واو الحال. (ما): نافية حجازية تعمل عمل «ليس». {نَحْنُ:} ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع اسم (ما). {بِمَبْعُوثِينَ:} الباء: حرف جر صلة.

(مبعوثين): خبر (ما) مجرور لفظا، منصوب محلا، والجملة الاسمية: {وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} معطوفة على الجملة الفعلية قبلها، فهي في محل نصب حال مثلها، أو هي في محل نصب حال من (نا) فتكون حالا متعددة بنفسها، والرابط: الواو، والضمير، وعلى الأول فهي متعددة بسبب العطف. هذا؛ وإن اعتبرتها حالا من فاعل {نَمُوتُ وَنَحْيا} فهي حال متداخلة، وهذا أقوى؛ لأن فيها معنى التوكيد.

{إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨)}

الشرح: {إِنْ هُوَ إِلاّ رَجُلٌ:} يعنون الرسول المرسل إليهم. {اِفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً} أي:

اختلق من تلقاء نفسه ما يدعيه من الرسالة، أو فيما يعدنا من البعث، والحساب، والجزاء... إلخ. {وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ:} بمصادقين له فيما يدعيه. هذا؛ وانظر شرح (الإيمان) في الآية رقم [١٤] من سورة (الحج).

<<  <  ج: ص:  >  >>