للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اِسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ (٧٦)}

الشرح: {وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ:} بالقحط، والجدب سبع سنين حين دعا عليهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما رأيت في الآية السابقة. {فَمَا اسْتَكانُوا:} ما خضعوا، ولا لانت قلوبهم، ولا ذلوا لربهم. {وَما يَتَضَرَّعُونَ} أي: ما لجؤوا إلى الله بالتضرع، والتذلل وقت نزول الشدائد بهم. هذا؛ وأصل (استكان) استكن من السكون؛ لأن الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده، والألف من إشباع الفتحة، أو أصله: استكون من الكون، فنقلت حركة الواو إلى الكاف، ثم قلبت الواو ألفا لتحركها بحسب الأصل، وانفتاح ما قبلها الآن.

هذا؛ وجاء الفعل الأول ماضيا، والثاني مضارعا، ولم يجيئا ماضيين، ولا مضارعين، ولا جاء الأول مضارعا والثاني ماضيا لإفادة الماضي وجود الفعل، وتحققه، وهو بالاستكانة أليق، بخلاف التضرع، فإنه أخبر عنهم بنفي ذلك في الاستقبال، وأما الاستكانة فقد توجد منهم. انتهى. نقلا عن السمين. هذا؛ واعتبار الألف ب‍: (استكان) للإشباع، ومنه: [الكامل]

ينباع من ذفرى غضوب جسرة

فإن هذا الإشباع ليس بفصيح، وهو من ضرورات الشعر، فينبغي أن ترفع منزلة القرآن عن ورود مثله فيه.

الإعراب: {وَلَقَدْ:} الواو: حرف قسم وجر، والمقسم به محذوف، تقديره: والله، والجار والمجرور متعلقان بفعل محذوف، تقديره: أقسم. اللام: واقعة في جواب قسم. (قد): حرف تحقيق. {أَخَذْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه كلام مستأنف لا محل له، وقال الجمل: هذه الجملة تأكيد للشرطية قبلها.

{بِالْعَذابِ:} متعلقان بالفعل قبلهما. {فَمَا:} الفاء: حرف عطف. (ما): نافية. {اِسْتَكانُوا:}

ماض، وفاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها لا محل لها مثلها.

{لِرَبِّهِمْ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {وَما:} الواو: حرف عطف. (ما): نافية. {يَتَضَرَّعُونَ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ثبوت النون... إلخ، والواو فاعله، ومتعلقه محذوف، التقدير: وما يتضرعون لنا، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{حَتّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ إِذا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٧)}

الشرح: {حَتّى إِذا فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ:} في هذا العذاب ثلاثة أقوال: الأول:

الجوع الذي نزل بهم بسبب القحط، والجدب؛ الذي حصل بدعاء الرسول صلّى الله عليه وسلّم. والثاني: القتل

<<  <  ج: ص:  >  >>