للعالمين؟ فقال: «بلى!». فقال: قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فنزلت الآية. انتهى.
نسفي، وهذا يفيد: أن القحط، والجوع نزل بهم بعد الهجرة، وأن أبا سفيان، ذهب إلى المدينة بعد غزوة بدر. لقوله: قتلت الآباء بالسيف، وهذا يتناقض مع اعتبار السورة مكية كلها. وأيضا، فإن طلبهم الاستسقاء من النبي صلّى الله عليه وسلّم كان في حياة أبي طالب، ولذا قال أبو طالب في مدحه صلّى الله عليه وسلّم: [الطويل]
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه... ثمال اليتامى، عصمة للأرامل
لذا فالقول: إن المعنى: لو رددناهم إلى الدنيا، ولم ندخلهم النار. وامتحناهم بعرض الإيمان عليهم هو المعتمد. {لَلَجُّوا:} لثبتوا على كفرهم، وعنادهم، واللجاج: التمادي في العناد في تعاطي الفعل المزجور عنه. {طُغْيانِهِمْ} أي: في عنادهم، وتمردهم. هذا؛ والطغيان:
مجاوزة الحد، يقال: طغا، يطغى، ويطغو طغيانا: جاوز الحد، وكل مجاوز حده في العصيان طاغ، وكل مسرف في الظلم، والمعاصي طاغ. وطغى البحر: هاجت أمواجه. وطغا السيل:
جاء بماء كثير، قال تعالى: {إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ}.
{يَعْمَهُونَ:} يتحيرون، ويترددون، والعمه: التحير، والتردد، وهو قريب من العمى، لكن العمى يطلق على ذهاب نور العين، وعلى الخطأ في الرأي، والعمه لا يطلق إلا على الثاني. وفي المصباح: عمه عمها من باب: تعب: إذا تردد متحيرا، وتعامه مأخوذ من قولهم: أرض عمهاء:
إذا لم يكن فيها أمارات تدل على النجاة، فهو عمه، وأعمه. انتهى. جمل. وهذا الفعل لم أر له ماضيا، ولا أمرا، فيظهر أنه فعل جامد لا يأتي منه غير المضارع، وإن ذكر في كتب اللغة ماض له لكنه لم يستعمل، ولم يتداول. هذا؛ والضر بضم الضاد خاص بما في النفس كمرض وهزال، والضر بفتح الضاد شائع في كل ضرر ومصيبة، وفي القاموس المحيط: الضّر والضّر والضّرر ضد النفع، والشدة، والضيق، وسوء الحال، والنقصان يدخل في الشيء، والجمع أضرار.
الإعراب: {وَلَوْ:} الواو: حرف استئناف. (لو): حرف لما كان سيقع لوقوع غيره.
{رَحِمْناهُمْ:} فعل، وفاعل، ومفعول به، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية، ويقال:
لأنها جملة شرط غير ظرفي، والتي بعدها معطوفة عليها، لا محل لها مثلها. {ما:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به. {بِهِمْ:} متعلقان بمحذوف صلة الموصول. {مِنْ ضُرٍّ:} متعلقان بمحذوف حال من {ما،} و {مِنْ} بيان لما أبهم فيها.
{لَلَجُّوا:} اللام: واقعة في جواب لو. (لجّوا): ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق، والجملة الفعلية جواب (لو) لا محل لها. {فِي طُغْيانِهِمْ:} متعلقان بما قبلهما، وقيل:
متعلقان بما بعدهما، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة المصدر لفاعله. {يَعْمَهُونَ:}
مضارع مرفوع، والواو فاعله، والجملة الفعلية في محل نصب حال من واو الجماعة، أو من الضمير المجرور محلا بالإضافة، و (لو) ومدخولها كلام مستأنف لا محل له.