للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أباها ونفوا عن أمها البغاء، وعرضوا لمريم بذلك، ولذلك قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً} وكفرهم معروف، والبهتان العظيم هو التعريض لها؛ أي: أنت بخلاف أبيك، وأمك حيث أتيت بهذا الولد.

الإعراب: {يا أُخْتَ:} (يا): أداة نداء تنوب مناب «أدعو». (أخت): منادى منصوب، وهو مضاف، و {هارُونَ:} مضاف إليه مجرور، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية، والعجمة. {ما:} نافية. {كانَ:} ماض ناقص. {أَبُوكِ:} اسم {كانَ} مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة؛ لأنه من الأسماء الخمسة، والكاف في محل جر بالإضافة.

{اِمْرَأَ:} خبر كان، وهو مضاف، و {سَوْءٍ:} مضاف إليه، وإعراب الجملة التالية مثل إعراب هذه الجملة. هذا؛ والآية بكاملها في محل نصب مقول القول؛ لأنها من مقول قومها.

{فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩)}

الشرح: {فَأَشارَتْ إِلَيْهِ} أي: أشارت مريم إلى عيسى أن كلموه، وذلك أنها التزمت الصمت لما أمرت بترك الكلام، ولذا كان معنى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ.}. إلخ أي: أشيري إشارة.

يروى: أنهم لما أشارت إلى الطفل؛ قالوا: استخفافها بنا أشد علينا من زناها، لذا قالوا لها:

{كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ..}. إلخ هذا؛ والمهد: السرير. وقيل: {الْمَهْدِ:} الحجر، فالمراد: حجرها.

هذا؛ و {الْمَهْدِ:} الموضع والفراش يهيأ، ويوطأ للصبي. قال الصلاح الصفدي: رأيت بخط ابن خلكان: أن مسلما ناظر نصرانيا، فقال له النصراني في خلال كلامه، متخفيا في خطابه بقبيح آثامه: يا مسلم! كيف كان وجه عائشة زوجة نبيكم في تخلفها عن الركب عند نبيكم، معتذرة بضياع عقدها؟ فقال له المسلم: يا نصراني كان وجهها كوجه بنت عمران لما أتت بعيسى تحمله من غير زوج، فمهما اعتقدت في دينك من براءة مريم اعتقدنا مثله في ديننا من براءة عائشة زوج نبينا! فانقطع النصراني، ولم يحر جوابا.

الإعراب: {فَأَشارَتْ:} الفاء: حرف استئناف. (أشارت): ماض، والفاعل يعود إلى (مريم) والتاء للتأنيث حرف لا محل له. {إِلَيْهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها، أو هي معطوفة على ما قبلها. {قالُوا:} فعل، وفاعل، والألف للتفريق. {كَيْفَ:}

اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال عامله ما بعده. {نُكَلِّمُ:} مضارع، والفاعل مستتر تقديره: «نحن». {مَنْ:} اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به، {كانَ:} قال السمين في {كانَ} أقوال: أحدها: أنها زائدة، وهو قول أبي عبيدة؛ أي: كيف نكلم من في {الْمَهْدِ} و {صَبِيًّا} على هذا نصب على الحال من الضمير المستتر في الجار والمجرور، الواقع صلة، والثاني: أنها تامة، بمعنى: حدث، ووجد، والتقدير: كيف نكلم من

<<  <  ج: ص:  >  >>