للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: معناه: يبين لهم أحقّيّة ما كان يعدهم في الدنيا. وقال عبد الله بن عباس-رضي الله عنهما-: وذلك أن عبد الله بن أبي ابن سلول كان يشك في الدين، فيعلم يوم القيامة: أن الله هو الحق المبين؛ أي لارتفاع الشكوك، وحصول العلم الضروري.

قال النسفي-رحمه الله تعالى-ولم يغلّظ الله في القرآن في شيء من المعاصي تغليظه في إفك عائشة-رضي الله عنها-، فأوجز في ذلك، وأشبع، وفصّل، وأجمل، وأكد، وكرّر، وما ذاك إلا لأمر. وعن ابن عباس-رضي الله عنهما-: من أذنب ذنبا، ثم تاب منه قبلت توبته إلا من خاض في أمر عائشة-رضي الله عنها-وهذا منه تعظيم ومبالغة في أمر الإفك. ولقد برأ الله أربعة بأربعة: برأ يوسف عليه السّلام بشاهد من أهلها، وبرأ موسى عليه السّلام من قول اليهود فيه بالحجر الذي ذهب بثوبه، وبرأ مريم عليهاالسّلام بإنطاق ولدها، وبرأ عائشة-رضي الله عنها-بهذه الآي العظام في كتابه المعجز، المتلوّ على وجه الدهر بهذه المبالغات. فانظر كم بينها وبين تبرئة أولئك، وما ذاك إلا لإظهار علوّ منزلة رسوله، والتنبيه على إنافة محله صلّى الله عليه وسلّم وعلى آله. انتهى. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {يَوْمَئِذٍ:} ظرف زمان متعلق بأحد الفعلين: {يُوَفِّيهِمُ} و (يعلمون)، و (إذ) ظرف لما مضى من الزمان مبني على السكون في محل جر بالإضافة، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، والتنوين عوض عن الجملة المحذوفة التي رأيت تقديرها في الشرح. {يُوَفِّيهِمُ:} مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والهاء مفعول به أول. {اللهُ:} فاعله. {دِينَهُمُ:} مفعول به ثان، والهاء في محل جر بالإضافة. {الْحَقَّ:} صفة {دِينَهُمُ}. هذا؛ ويقرأ بالرفع فيكون صفة لفظ الجلالة، والجملة الفعلية: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها. {وَيَعْلَمُونَ:} الواو: حرف عطف. (يعلمون): مضارع مرفوع... إلخ، والواو فاعله. {أَنَّ:} حرف مشبه بالفعل. {اللهُ:}

اسمها. {هُوَ:} توكيد للفظ الجلالة، أو هو ضمير فصل لا محل له. {الْحَقَّ:} خبر {أَنَّ}. هذا؛ ويجوز اعتبار {هُوَ} مبتدأ، و {الْحَقَّ} خبره، وعليه فالجملة الاسمية في محل رفع خبر {أَنَّ}.

{الْمُبِينُ:} صفة {الْحَقَّ،} و {أَنَّ} واسمها وخبرها في تأويل مصدر في محل نصب سد مسد مفعولي (يعلمون) وجملة: {وَيَعْلَمُونَ..}. إلخ معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.

{الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)}

الشرح: قال ابن زيد رحمه الله تعالى: {الْخَبِيثاتُ} من النساء {لِلْخَبِيثِينَ} من الرجال، وكذا (الخبيثون للخبيثات)، وكذا (الطيبات للطيبين) و (الطيبون للطيبات) فتكون هذه الآية مبنية على قوله تعالى: {الزّانِي لا يَنْكِحُ..}. إلخ الآية رقم [٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>