للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعراب: {لا جَرَمَ..}. إلخ في إعراب هذا اللفظ أربعة أقوال:

-أحدها: وهو مذهب الخليل وسيبويه: أنهما مركبتان من (لا) النافية، و (جرم) وبنيتا على تركيبهما تركيب خمسة عشر وصار معناهما معنى فعل، وهو (حقّ) فعلى هذا فالمصدر المؤول من (أنّ) واسمها وخبرها، في محل رفع فاعل، فقوله تعالى: {لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النّارَ} أي: حقّ وثبت كون النار لهم، أو استقرارها لهم، هذا ما نقله السمين عن الخليل وسيبويه، ونقل مكي عنهما: أن {لا جَرَمَ} بمعنى حق في موضع رفع بالابتداء، والمصدر المؤول من أن واسمها وخبرها في محل رفع خبر، فاختلف النقل عن الخليل وسيبويه، رحم الله الجميع برحمته الواسعة ورحمنا معهم.

-الثاني: أن {لا جَرَمَ} بمنزلة: (لا رجل) في كون (لا) نافية للجنس وجرم اسمها مبني معها على الفتح، وهي واسمها في محل رفع بالابتداء، وما بعدها خبر (لا) النافية، وصار معناها:

لا محالة في أنهم في الآخرة، أي: في خسرانهم، وهذا الوجه عزاه مكي إلى الخليل أيضا.

-الوجه الثالث: أن (لا) نافية لكلام متقدم، تكلم به الكفرة، فرد الله عليهم بقوله: (لا)، كما ترد (لا) هذه قبل القسم في قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ} ثم أتى بعدها بجملة فعلية، وهي: جرم أن لهم كذا، وجرم فعل ماض معناه كسب وفاعله مستتر يعود على فعلهم المدلول عليه بسياق الكلام، و (أنّ) وما في حيزها في موضع المفعول به؛ لأن (جرم) يتعدى إذا كان بمعنى: (كسب)، وعلى هذا فالوقف على قوله (لا) ثم يبتدأ بجرم بخلاف ما تقدم. انتهى. جمل، وهذا القول عزاه مكي للزجاج.

-الوجه الرابع: أن معنى {لا جَرَمَ}: لا حدّ، ولا منع، ولا صدّ، ويكون «جرم» بمعنى القطع، تقول: جرمت كذا، أي: قطعته، فيكون: {جَرَمَ} اسم (لا) مبني معها على الفتح، كما تقدم، وخبرها: (أنّ) وما في حيزها على حذف حرف الجر، أي: لا منع من خسرانهم، فيعود فيه الخلاف المشهور. انتهى. جمل، وهذا القول عزاه مكي للكسائي.

{أَنَّهُمْ}: حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {فِي الْآخِرَةِ}: متعلقان ب‍ {الْأَخْسَرُونَ} بعدهما.

{أَنَّهُمْ}: مبتدأ. {الْأَخْسَرُونَ}: خبره، والجملة الاسمية خبر (أنّ)، هذا، وإن اعتبرت {أَنَّهُمْ} ضمير فصل لا محل له ف‍ {الْأَخْسَرُونَ} خبر (أنّ) مرفوع... إلخ، وأن واسمها وخبرها في تأويل مصدر، انظر الإعراب المتقدم؛ لترى محل هذا المصدر.

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٣)}

الشرح: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ}: على اختلاف أنواعها، وتفاوت مراتبها ودرجاتها. {وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ}: أنابوا، وأطاعوا، وخشعوا وخضعوا. والإخبات: الخشوع

<<  <  ج: ص:  >  >>