أيا سائلي تفسير ميت وميّت... فدونك قد فسّرت ما عنه تسأل
فمن كان ذا روح، فذلك ميّت... وما الميت إلاّ من إلى القبر يحمل
هذا هو الأصل الغالب في الاستعمال، وقد يتعاوضان، كما في قول عديّ بن الرّعلاء الغساني:[الخفيف]
ليس من مات فاستراح بميت... إنما الميت ميّت الأحياء
إنّما الميت من يعيش كئيبا... كاسفا باله قليل الرجاء
أقول: ومن هذا قوله تعالى في سورة (الأنعام) رقم [٩٥]: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ،} وقوله جل ذكره في الآية رقم [٢٧] من سورة (آل عمران): {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ}. حيث استعمل المشدد فيهما لفاقد الحياة، والروح، كما هو واضح فيهما. هذا؛ ولا تنس: أن أصل المشدد: (ميوت)؛ لأنه من: مات، يموت، فقل في إعلاله: اجتمع الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وقل مثله في إعلال سيّد، وهيّن، وصيّب، ونحو ذلك، وقال الشاعر في تخفيف هيّن، وليّن:[البسيط]
هينون لينون أيسار بنو يسر... سوّاس مكرمة أبناء أيسار
الإعراب:{إِنَّكَ:} حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {مَيِّتٌ:} خبرها، والجملة الاسمية مبتدأة، أو مستأنفة، لا محل لها على الاعتبارين. {وَإِنَّهُمْ:} حرف مشبه بالفعل، والهاء اسمها. {مَيِّتُونَ:} خبرها مرفوع، وعلامة رفعه الواو... إلخ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محل لها مثلها.
الشرح:{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} أي: إنك، وإياهم، فغلب ضمير المخاطب على ضمير الغائب، قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: يعني: المحق، والمبطل، والظالم، والمظلوم. وقال الزبير: لما نزلت هذه الآية؛ قلنا: يا رسول الله! أيكرر علينا ما كان بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال:«نعم ليكررن عليكم؛ حتى يؤدّى إلى كل ذي حق حقه». فقال الزبير-رضي الله عنه-: والله إن الأمر لشديد. أخرجه الترمذي.
وقال ابن عمر-رضي الله عنهما-: عشنا برهة من الدهر، وكنا نرى: أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين، فقلنا: وكيف نختصم؛ ونبينا واحد، وديننا واحد، حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت: أنها فينا نزلت. وعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-