للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منتهى آجالكم، وانقضاء أعماركم. {إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ:} كافرون، فاسدون، مفسدون، لا تستحقون الإنعام، والتكريم.

قال بعض العلماء: التمتع بالدنيا من أفعال الكافرين، والسعي لها من أفعال الظالمين، والاطمئنان إليها من أفعال الكاذبين، والسكون فيها على حد الإذن، والأخذ منها على قدر الحاجة من أفعال عوام المؤمنين، والإعراض عنها من أفعال الزاهدين، وأهل الحقيقة أجل خطرا من أن يؤثر فيهم حب الدنيا، وبغضها، وجمعها، وتركها. انتهى جمل نقلا من الخطيب.

وما أحسن قولهم: الكافر يتمتع، والمنافق يتزين، والمؤمن يتزود. هذا؛ وقد قال تعالى في سورة (لقمان) رقم [٢٤]: {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ}.

هذا؛ والتمتع: التلذذ بالشيء، والانتفاع به، ومثله: الاستمتاع، والاسم: المتعة. فهنيئا لمن تمتع واستمتع بالحلال المباح! وويل، ثم ويل لمن تمتع، واستمتع بالحرام! هذا؛ والمتعة بكسر الميم وضمها: اسم للتمتيع، والزاد القليل، وما يتمتع به من الصيد، والطعام، ومتعة المرأة: ما وصلت به بعد الطلاق من نحو قميص، وإزار، وملحفة. قال تعالى في سورة (البقرة) رقم [٢٣٦]: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}. والمراد من الآية، وأمثالها الأمر للكفار بأن يتمتعوا بدنياهم قليلا، أو بعبادتهم الأوثان، أو باتباعهم الأهواء، فإنها من قبيل الشهوات التي يتمتع بها، وفي التهديد بصيغة الأمر إيذان بأن المهدّد عليه كالمطلوب؛ لإفضائه إلى المهدد به.

الإعراب: {كُلُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق، ومفعوله محذوف، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول لقول محذوف، وجملة: {وَتَمَتَّعُوا} معطوفة عليها. {قَلِيلاً:} صفة «زمان» محذوف؛ أي: زمانا قليلا، أو صفة «مصدر» محذوف، التقدير:

تمتيعا قليلا. {إِنَّكُمْ:} (إنّ): حرف مشبه بالفعل، والكاف اسمها. {مُجْرِمُونَ:} خبر (إنّ) مرفوع، وعلامة رفعه الواو، والجملة الاسمية تعليل للأمر، لا محل لها. {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ:} انظر الآية رقم [١٥].

{وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اِرْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ (٤٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٩) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (٥٠)}

الشرح: {وَإِذا قِيلَ لَهُمُ} أي: للكافرين المكذبين بيوم الحساب، والجزاء. {اِرْكَعُوا:}

صلوا. {لا يَرْكَعُونَ:} لا يصلون. قاله مجاهد. وقال مقاتل: نزلت في بني ثقيف، امتنعوا من الصلاة، فنزل ذلك فيهم. قال لهم النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أسلموا». وأمرهم بالصلاة، فقالوا: لا ننحني

<<  <  ج: ص:  >  >>