للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفعل قبلهما. {وَمَنْ:} الواو: حرف استئناف. (من): اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {يُعْرِضْ:} فعل مضارع فعل الشرط، والفاعل يعود إلى (من)، تقديره: «هو».

{عَنْ ذِكْرِ:} متعلقان بما قبلهما، و {ذِكْرِ} مضاف، و {رَبِّهِ} مضاف إليه، من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، والهاء في محل جر بالإضافة، من إضافة اسم الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {يَسْلُكْهُ:} فعل مضارع جواب الشرط مجزوم، والفاعل يعود إلى (من) أيضا، والهاء مفعول به أول. {عَذاباً:} مفعول به ثان على تضمين الفعل معنى: ندخله. وقيل:

منصوب بنزع الخافض. {صَعَداً:} صفة {عَذاباً،} والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها جملة جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، ولا ب‍: «إذا» الفجائية، وخبر المبتدأ الذي هو (من) مختلف فيه، كما رأيت في الآية رقم [١٤]، والجملة الاسمية: (من يعرض...) إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً (١٨)}

الشرح: {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} أي: مختصة لله، فلا يجوز أن يشرك معه أحد في المساجد، ولذا قال: {فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً} أي: فلا تعبدوا فيها إلا الله تعالى. قال قتادة: كان اليهود، والنصارى إذا دخلوا كنائسهم، وبيعهم؛ أشركوا بالله فيها، فأمر الله المؤمنين أن يخلصوا الدعوة لله، إذا دخلوا المساجد كلها. وروي عن سعيد بن جبير-رضي الله عنه-: أن المراد بالمساجد:

الأعضاء التي يسجد عليها الإنسان، وهي سبعة: الجبهة، واليدان، والركبتان، والقدمان.

والمعنى: أن هذه الأعضاء؛ التي يقع عليها السجود مخلوقة لله، فلا تسجدوا عليها لغيره.

فعن العباس-رضي الله عنه-: أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا سجد العبد، سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفّاه، وركبتاه، وقدماه». والآراب: الأعضاء. أخرجه مسلم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-قال: أمرنا النبي صلّى الله عليه وسلّم أن نسجد على سبعة أعضاء، وأن لا نكفّ شعرا، ولا ثوبا: الجبهة، واليدين، والركبتين، والقدمين، كف الشعر: عقصه، وغرز طرفه في أعلى الضفيرة، وقد نهى عن ذلك. وقيل: أراد بالمساجد كلها: بقاع الأرض كلها؛ لأن الأرض كلها جعلت مسجدا للنبي صلّى الله عليه وسلّم. والمعتمد الأول. وخذ ما يلي:

فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه-عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذا رأيتم الرّجل يعتاد المساجد؛ فاشهدوا له بالإيمان. قال الله عزّ وجلّ: إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر». أخرجه الترمذي، وابن ماجه، والحاكم، وغيرهم.

وعن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يتوضأ أحدكم، فيحسن وضوءه فيسبغه، ثمّ يأتي المسجد، لا يريد إلاّ الصّلاة، إلاّ يتبشبش الله إليه، كما يتبشبش أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>