وعن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ قال: جاء رجل إلى ابن مسعود؛ قال: إني لأقرأ المفصل في ركعة. قال عبد الله-رضي الله عنه-: هذّا كهذّ الشعر! إن أقواما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. وعن عائشة-رضي الله عنها-قالت: قام النبي صلّى الله عليه وسلّم بآية من القرآن. أخرجه الترمذي، وللنسائي عن أبي ذر نحوه، وزاد: والآية من سورة (المائدة): {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي: يرددها في صلاته في ليله.
وعن سهل بن سعد-رضي الله عنه-قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ونحن نقرأ، فقال:
«الحمد لله كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوا القرآن قبل أن يقرأه أقوام يقيمونه كما يقام السهم يتعجلون قراءته، ولا يتأجّلونه، لا يجاوز تراقيهم».
أخرجه أبو داود، وغيره. انتهى. خازن بتصرف.
الإعراب: {يا أَيُّهَا:} (يا): أداة نداء، تنوب مناب أدعو، أو أنادي. (أيها): منادى نكرة مقصودة مبنية على الضم في محل نصب بأداة النداء، و (ها): حرف تنبيه، لا محل له، أقحم للتوكيد، وهو عوض من المضاف إليه، ولا يجوز اعتبار الهاء ضميرا في محل جر بالإضافة؛ لأنه يجب حينئذ نصب المنادى. {الْمُزَّمِّلُ:} بدل من (أيّ). {قُمِ:} فعل أمر، وفاعله مستتر، تقديره:
«أنت». {اللَّيْلَ:} ظرف زمان متعلق بما قبله، والجملة الفعلية لا محل لها؛ لأنها ابتدائية كالجملة الندائية قبلها. {إِلاّ:} أداة استثناء. {قَلِيلاً:} مستثنى بإلا من {اللَّيْلَ}. {نِصْفَهُ:} قال أبو البقاء:
فيه وجهان: أحدهما: هو بدل من {اللَّيْلَ} بدل بعض من كل، و {إِلاّ قَلِيلاً} استثناء من (نصف)، والثاني: هو بدل من {قَلِيلاً} وهو أشبه بظاهر الآية. انتهى. ومثله في الكشاف، والقرطبي، وعزا الأول للزجاج. والهاء في محل جر بالإضافة. {أَوِ:} حرف عطف، وتخيير. {اُنْقُصْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر تقديره: «أنت»، والجملة معطوفة على ما قبلها. (قليلا): صفة زمان محذوف متعلق بالفعل قبله، التقدير: أو انقص منه زمانا قليلا. {أَوِ:} حرف عطف، وتخيير أيضا.
{زِدْ:} فعل أمر، وفاعله تقديره: «أنت»، والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها. {عَلَيْهِ:} جار ومجرور متعلقان بما قبلهما. {وَرَتِّلِ:} الواو: حرف عطف. (رتل): فعل أمر، وفاعله: أنت، والجملة الفعلية معطوفة أيضا. {الْقُرْآنَ:} مفعول به. {تَرْتِيلاً:} مفعول مطلق.
{إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (٥)}
الشرح: قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: قولا شديدا. وقيل: يعني: كلاما جليلا ذا خطر، وعظمة؛ لأنه كلام رب العالمين، وكل شيء له خطر ومقدار فهو ثقيل. والمعنى: صيّر نفسك مستعدة لقبول هذا القول العظيم الثقيل الشاق. وقيل: سماه ثقيلا؛ لما فيه من الأوامر، والنواهي، فإن فيه كلفة، ومشقة على الأنفس. وقيل: ثقيلا؛ لما فيه من الوعد والوعيد،