للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩)}

الشرح: {قُلْ:} هذا خطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. {سِيرُوا فِي الْأَرْضِ:} هذا أمر لكفار قريش؛ لينظروا ما فعل الله بالأقوام الذين كذبوا رسلهم؛ حيث أهلكهم بسبب ذلك، وفيه تهديد، ووعيد لا يخفيان لأهل مكة ولكلّ المكذبين المجرمين. هذا؛ وقد قال الله تعالى هنا: {فَانْظُرُوا} ومثلها الآية رقم [٣٦] من سورة (النحل)، والآية رقم [١٣٧] من سورة (آل عمران) بينما قال تعالى في الآية رقم [١١] من سورة (الأنعام): {ثُمَّ انْظُرُوا} والفرق بينهما: أن النظر في السور الثلاث جعل مسببا عن السير، فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر، ولا تسيروا سير الغافلين، ومعنى السير في سورة (الأنعام) إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها، وإيجاب النظر في آثار الهالكين، ونبه على ذلك ب‍: {ثُمَّ،} التي هي للتراخي لتباعد ما بين الواجب، والمباح، وانظر التعبير عن الكافرين بالمجرمين، ونحوه في الآية رقم [٢٠٠] من سورة (الشعراء)، ورحم الله البيضاوي حيث قال: والتعبير عن الكافرين بالمجرمين ليكون لطفا للمؤمنين في ترك الجرائم، وانظر عدم تأنيث {كانَ} في الآية رقم [٥١].

الإعراب: {قُلْ:} فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره: «أنت». {سِيرُوا:} فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} جار ومجرور متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة الفعلية في محل نصب مقول القول. {فَانْظُرُوا:} الفاء: حرف عطف. (انظروا):

فعل أمر وفاعله، والألف للتفريق، وهو معلق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام. {كَيْفَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر (كان)، تقدم عليها، وعلى اسمها، وإن اعتبرت {كانَ} تامة فهو في محل نصب حال من {عاقِبَةُ،} والعامل في الحال {كانَ}. {عَقِبِهِ:} اسم (كان) أو فاعل بها، و {عاقِبَةُ} مضاف، و {الْمُجْرِمِينَ} مضاف إليه مجرور، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب سدت مسد مفعول الفعل: (انظروا)، وهذه الجملة معطوفة على ما قبلها فهي في محل نصب مقول القول مثلها. وجملة: {قُلْ سِيرُوا..}. إلخ مستأنفة، لا محل لها.

{وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ (٧٠)}

الشرح: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ:} الخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: لا تحزن على الكافرين الذين ناصبوك العداء، ولم يتبعوك، وآذوك، وأصحابك بأنواع الأذى. {وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ} أي: لا تغتم يا محمد، ولا يضيق صدرك بسبب مكرهم، وتدبير الكيد لك، فإن الله مذلهم، وخاذلهم، وناصرك عليهم.

هذا؛ وقرئ (ضيق) بفتح الضاد وكسرها، وهما لغتان كالقول، والقيل، ويجوز أن يكون بالفتح مخففا من المشدد مثل تخفيف: هين، ولين، ونحوهما، وقال الفراء: الضّيق: ما ضاق

<<  <  ج: ص:  >  >>