للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متأخر إلى الآخرة، خذ قوله تعالى لليهود اللؤماء حكاية عن قول موسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-: {قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} رقم [٦١] من سورة (البقرة). وقيل: الألف مبدلة من: همزة؛ لأنّه مأخوذ من: دنؤ، يدنؤ، فهو دنيء، والمصدر:

الدناءة، وهو من الشيء الخسيس، فأبدلت الهمزة ألفا. وقيل: أصله: أدون من الشيء الدون، فأخرت الواو، فانقلبت ألفا، فوزنه الآن: أفلع. انتهى. عكبري في غير هذا الموضع.

الإعراب: {أَمِ:} حرف عطف بمعنى: «بل» الانتقالية. {اِتَّخَذُوا:} فعل ماض مبني على الضم، والواو فاعله، والألف للتفريق. {مِنْ دُونِهِ:} جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من:

{أَوْلِياءَ،} كان صفة له، فلما قدّم عليه صار حالا. انظر الآية رقم [٦]. وقيل: الجار والمجرور في محلّ المفعول الثاني. وهو ضعيف. والهاء في محل جر بالإضافة. {أَوْلِياءَ:} مفعول به، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محلّ لها. {فَاللهُ:} الفاء: حرف عطف. (الله): مبتدأ. {هُوَ:}

مبتدأ ثان. {الْوَلِيُّ:} خبره، والجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ، وإن اعتبرت الضمير فصلا، فالولي خبر لفظ الجلالة، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها، لا محلّ لها مثلها.

نقله الجمل عن كرخي. هذا؛ واعتبر الزمخشري الفاء الفصيحة؛ لأنّها تفصح عن شرط مقدر، التقدير: إن أرادوا أولياء بحق؛ فالله هو الولي، وهو قول ابن هشام في المغني. قال أبو حيان:

لا حاجة إلى هذا التقدير لتمام الكلام بدونه. {وَهُوَ:} الواو: حرف عطف. (هو): مبتدأ.

{يُحْيِ:} فعل مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء للثقل، والفاعل يعود إلى الضمير. {الْمَوْتى:} مفعول به منصوب، وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف للتعذر، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها على الوجهين المعتبرين فيها. {وَهُوَ:} الواو: حرف عطف. (هو): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

{عَلى كُلِّ:} متعلقان ب‍: {قَدِيرٌ} بعدهما، و {كُلِّ} مضاف، و {شَيْءٍ} مضاف إليه. {قَدِيرٌ:} خبر المبتدأ، والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.

{وَمَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)}

الشرح: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ:} قال القرطبي: هذا حكاية قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم للمؤمنين؛ أي: وما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب، والمشركين من أمر الدين؛ فقولوا لهم: حكمه إلى الله لا إليكم، وقد حكم: أن الدين هو الإسلام لا غيره. وأمور الشرائع إنّما تتلقّى من بيان الله، وبيان الرسول صلّى الله عليه وسلّم. فهو كقوله جلّ وعلا: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ}.

{ذلِكُمُ اللهُ رَبِّي} أي: الموصوف بهذه الصفات هو ربي وحده يحيي الموتى، ويحكم بين

<<  <  ج: ص:  >  >>