للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعل لمفعوله، وفاعله مستتر فيه. {قَرِيبٌ مُجِيبٌ}: خبران ل‍ {إِنَّ،} والجملة الاسمية لا محل لها باعتبارها تعليلا للأمر، أو مستأنفة، وهي في محل نصب مقول القول باعتبارها من مقول صالح على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

{قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)}

الشرح: {قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا قَبْلَ هذا} أي: كنا نرجو أن تكون فينا سيدا قبل ادعائك النبوة؛ وذلك لما نرى فيك من مخايل الرشد، والسداد، وأن تكون لنا مستشارا في الأمور، وأن تؤيدنا في الدين، فلما سمعنا هذا القول منك؛ انقطع رجاؤنا فيك. {مَرْجُوًّا} أصله: (مرجووا)، فأدغمت الواو في الواو، وشددت. {أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا} أي: من الأوثان والأصنام. {وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ}: من التوحيد، وعبادة إله واحد، ونبذ عبادة الأصنام. {مُرِيبٍ}: موقع في الريبة، هذا؛ وفي سورة (إبراهيم) عليه السّلام {وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمّا تَدْعُونا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} بحذف نون (نا) للتخفيف، وبالخطاب لجماعة الرسل، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى، والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

هذا؛ والعبادة غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وهو الله تعالى، ولذا يحرم السجود لغير الله تعالى، وقيل: العبودية أربعة: الوفاء بالعهود، والرضا بالموجود، والحفظ للحدود، والصبر على المفقود، والشك في اللغة: خلاف اليقين، وهو اعتدال النقيضين عند الإنسان لوجود أمارتين، أو لعدم الأمارة، والشك ضرب من الجهل، والريب: الشك أيضا، تقول: رابني هذا الأمر، أي: أوقعني في شك، وحقيقة الريبة قلق النفس، واضطرابها، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك». رواه النسائي والترمذي عن الحسن بن علي -رضي الله عنهما-.

الإعراب: {قالُوا}: ماض والواو فاعله، والألف للتفريق. {يا صالِحُ}: منادى مفرد علم مبني على الضم في محل نصب ب‍ (يا) القائمة مقام (أدعو). {قَدْ}: حرف تحقيق يقرب الماضي من الحال. {كُنْتَ}: ماض ناقص مبني على السكون، والتاء اسمه. {فِينا}:

متعلقان ب‍ {مَرْجُوًّا} الذي هو خبر (كان). {قَبْلَ}: ظرف زمان متعلق ب‍ {مَرْجُوًّا} أيضا؛ لأنه صيغة مفعول، كما رأيت، وقبل مضاف، و {هذا} اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بالإضافة، والهاء حرف تنبيه لا محل له. {أَتَنْهانا}: الهمزة: حرف استفهام إنكاري.

(تنهانا): مضارع مرفوع، وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الألف للتعذر، والفاعل مستتر تقديره:

«أنت»، و (نا): مفعول به، والمصدر المؤول من {أَنْ نَعْبُدَ} في محل جر بحرف جر محذوف،

<<  <  ج: ص:  >  >>