{أُولئِكَ:} اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف حرف خطاب لا محل له.
{فِي جَنّاتٍ:} متعلقان بمحذوف خبر أول، أو هما متعلقان بما بعدهما. {مُكْرَمُونَ:} خبر المبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة، والجملة الاسمية: {أُولئِكَ..}. إلخ مستأنفة، أو هي في محل نصب حال من واو الجماعة، والرابط: الضمير، واسم الإشارة، وهي حال مقدرة، انظر أنواع الحال في الآية رقم [١٩].
{فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧)}
الشرح: {فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا:} رسم في المصاحف حرف الجر مفصولا عن المجرور اتباعا لرسم مصحف عثمان-رضي الله عنه-. كما في قوله تعالى في سورة (الكهف) رقم [٤٩]:
{وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ}. {قِبَلَكَ:} حولك، ونحوك، وجهتك. {مُهْطِعِينَ:} قال الأخفش: مسرعين، ومنه قوله تعالى في سورة (القمر): {مُهْطِعِينَ إِلَى الدّاعِ..}. إلخ، وقوله عز وجل في سورة (إبراهيم) على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام: {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ..}. إلخ رقم [٤٣] قال الشاعر: [الوافر]
بمكّة أهلها ولقد أراهم... إليه مهطعين إلى السّماع
وذكرته في سورة (إبراهيم) وسورة (القمر) كما يلي: [الوافر]
بدجلة دارهم ولقد أراهم... بدجلة مهطعين إلى السّماع
والمعنى فما بالهم مسرعين مقبلين نحوك مادين أعناقهم، ومديمين النظر إليك متطلعين إليك؟ نزلت في جماعة من الكفار كانوا يجتمعون حول النبي صلّى الله عليه وسلّم يسمعون كلامه، ويستهزئون به، ويكذبونه، فقال الله-جل وعلا-: ما لهم ينظرون إليك ويجلسون عندك، وهم لا ينتفعون بما يسمعون منك. انتهى خازن. وقال القرطبي: نزلت في جمع من المنافقين المستهزئين كانوا يحضرونه عليه السّلام، ولا يؤمنون به. وقول الخازن أولى بالاعتبار؛ لأن السورة مكية، ولم يكن في مكة قبل الهجرة منافقون.
هذا؛ وفي القاموس: هطع، كمنع هطعا وهطوعا: أسرع مقبلا خائفا، أو أقبل ببصره على الشيء لا يقلع عنه، وأهطع: مد عنقه، وصوب رأسه، كاستهطع، وكأمير: الطريق الواسع، وكمحسن: من ينظر في ذل، وخضوع، لا يقلع بصره، أو الساكت المنطلق إلى من هتف به، وبعير مهطع: في عنقه تصويب خلقة. انتهى.
{عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ} أي: عن يمين النبي صلّى الله عليه وسلّم وشماله حلقا حلقا، وجماعات، ف:
(أل) بدل من الضمير المحذوف؛ إذ التقدير: عن يمينك، وعن شمالك، وهذا مشهور في ضمير