الغيبة، كما في قوله تعالى في سورة (النازعات): {فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى} و {فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى} إذ التقدير: هي مأواه. هذا؛ و {عِزِينَ} جماعات في تفرقة، قاله أبو عبيدة. ومنه حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: أنه خرج على أصحابه، فرآهم حلقا، فقال:«ما لي أراكم عزين؟ ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها؟». قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال:«يتمّون الصفوف الأول، ويتراصّون في الصّفّ». رواه أحمد، والنسائي، ومسلم عن جابر بن سمرة-رضي الله عنه-.
وقال الشاعر:[الوافر]
ترانا عنده، والليل داج... على أبوابه حلقا عزينا
أي: متفرقين، وقال آخر:[المتقارب]
كأنّ الجماجم من وقعها... خناطيل يهوين شتّى عزينا
الخناطيل: لا واحد لها من جنسها، وهي جماعات من الوحش، والطير. وقال آخر:[الوافر]
فلمّا أن أتين على أضاخ... ضرحن حصاه أشتاتا عزينا
أضاخ بالضم: جبل، يذكر، ويؤنث. وقيل: هو موضع في البادية، يصرف ولا يصرف.
ومعنى ضرحن: نحين، ودفعن. وقال الكميت:[الوافر]
ونحن وجندل باغ تركنا... كتائب جندل شتّى عزينا
وقال عنترة:[الوافر]
وقرن قد تركت لديّ ملقى... عليه الطير كالعصب العزين
هذا؛ وواحد {عِزِينَ} عزة: جمع بالواو والنون، أو بالياء والنون، ليكون ذلك عوضا مما حذف منها؛ إذ أصلها: عزهة، فاعتلت، كما اعتلت «سنة» فيمن جعل أصلها: سنهة، ثم حذفت الهاء. قال مكي: وإنما جمع بالواو والنون؛ لأنه مؤنث لا يعقل، ليكون ذلك عوضا مما حذف منه. وقيل: أصلها: عزوة، من: عزاه، يعزوه: إذا أضافه إلى غيره، فكل واحد من الجماعات مضافة إلى الأخرى. والمحذوف منها الواو. وفي الصحاح: والعزة: الفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء، والجمع: عزى على: فعل، وعزون (بضم العين، وكسرها) ولم يقولوا:
عزات، كما قالوا: ثبات. هذا؛ ومثل {عِزِينَ} في المعنى والمفردة والإعلال {عِضِينَ} من قوله تعالى في سورة (الحجر) رقم [٩١]: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} وأيضا (ثبة) وهي الجماعة من الرجال فوق العشرة، مثل: عزة، وعضة في المعنى، والإعلال، والتصريف فتجمع على ثبين مثل: عزين، وعضين، وقد جاءت (ثبات) بالألف والتاء في قوله تعالى من سورة (النساء) رقم [٧١]: {فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} وجاءت بالياء والنون في قول عمرو بن كلثوم من معلقته [٥٣]: [الوافر]