للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا مأذونا لنا. هذا؛ وأجاز أبو البقاء ومكي اعتبار المصدر المؤول في محل رفع اسم {كانَ،} و {بِإِذْنِ} متعلقين بمحذوف خبرها، وعليه يكون {لَنا} متعلقين ب‍: {كانَ،} و {بِإِذْنِ} مضاف، و {اللهَ} مضاف إليه من إضافة المصدر لفاعله، وجملة: {(ما كانَ لَنا...)} إلخ مستأنفة، وهي من مقول الرسل كما هو واضح. الواو: فيما أرى زائدة. {وَعَلَى اللهِ:}

متعلقان بالفعل بعدهما. {فَلْيَتَوَكَّلِ:} الفاء: حرف استئناف، أو هي الزائدة، والواو عاطفة.

(ليتوكل): مضارع مجزوم بلام الأمر، وحرك بالكسرة لالتقاء الساكنين. {الْمُؤْمِنُونَ:} فاعل مرفوع... إلخ، والجملة الفعلية مستأنفة، لا محل لها. هذا؛ وقد قال أبو البقاء في مثلها:

دخلت الفاء لمعنى الشرط، والمعنى هنا: إن اعتدى أحد علينا؛ فنحن نتوكل على الله، وعلى هذا فالواو ليست زائدة، وإنما هي عاطفة جملة شرطية على الكلام السابق، وتكون الفاء هي الفصيحة، ولا يخفى ما فيه من التكلف. تأمل، وتدبر، وربك أعلم، وأجل، وأكرم.

{وَما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢)}

الشرح: {وَما لَنا أَلاّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ} أي: أيّ عذر لنا في ترك التوكل على الله، وعدم الاعتماد عليه. {وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا} أي: وقد دلنا على الطرق التي نعرفه بها، ونعلم أن كل شيء بمشيئته وإرادته، وبيّن لنا الطرق التي توصل إلى رحمته، وتنجي من سخطه ونقمته.

{وَلَنَصْبِرَنَّ عَلى ما آذَيْتُمُونا} أي: والله لنصبرن على أذاكم قولا كان، أو فعلا. وعلى الله، {فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} أي: عليه فليعتمد المعتمدون: وليفوضوا شئونهم وأمورهم إليه، وليستسلموا لحكمه وقضائه وقدره، فهو الذي يكفيهم، ويدفع عنهم شر أعدائهم؛ إن توكلوا واعتمدوا عليه.

هذا؛ وفي الآية التفات بالنسبة لما قبلها، وذلك من الغيبة إلى التكلم، وانظر الالتفات في الآية رقم [٤١] من سورة (الرعد)، وانظر التوكل في الآية رقم [٦٧] من سورة (يوسف) على نبينا وعليه ألف صلاة، وألف سلام.

تنبيه: قال الخازن: فإن قلت: كيف كرر الأمر بالتوكل، وهل من فرق بين التوكلين؟ قلت:

نعم التوكل الأول فيه إشارة إلى استحداث التوكل، والتوكل الثاني، فيه إشارة إلى السعي في التثبيت على ما استحدثوا من توكلهم، وإبقائه وإدامته، فحصل الفرق بين التوكلين.

الإعراب: {وَما} الواو: حرف استئناف، (ما): اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. {لَنا:} متعلقان بمحذوف في محل رفع خبره. {أَلاّ:} (أن): حرف مصدري ونصب. (لا): نافية. {نَتَوَكَّلَ:} مضارع منصوب ب‍: «أن» والفاعل مستتر تقديره: «نحن».

{عَلَى اللهِ:} متعلقان بالفعل قبلهما، و «أن» المصدرية والمضارع في تأويل مصدر في محل جر بحرف جر محذوف، التقدير: في عدم التوكل، أو في ترك التوكل، والجار والمجرور متعلقان

<<  <  ج: ص:  >  >>