للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {الْمُكَذِّبِينَ:} مضاف إليه، من إضافة المصدر لفاعله، وجملة: {كَيْفَ كانَ..}. إلخ في محل نصب مفعول به للفعل قبلهما المعلّق عن العمل لفظا بسبب الاستفهام.

{هذا بَيانٌ لِلنّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٨)}

الشرح: {هذا:} الإشارة إلى القرآن، أو إلى قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ..}. إلخ، أو إلى ما ذكر من أحوال المتقين، والتّائبين. هذا؛ والبيان: الدلالة التي تفيد إزالة الشبهة، بعد أن كانت حاصلة. والهدى: بيان طريق الرّشد المأمور بسلوكه دون طريق الغيّ. والموعظة: هي الكلام الذي يفيد الزّجر عمّا لا ينبغي في طريق الدّين، وإنّما خصّ المتّقين بالهدى، والموعظة؛ لأنّهم هم المنتفعون بهما دون غيرهم. انتهى خازن بتصرّف. والله أعلم بمراده، وأسرار كتابه.

الإعراب: {هذا:} الهاء: حرف تنبيه لا محل له (ذا) اسم إشارة مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ. {بَيانٌ:} خبره. {لِلنّاسِ:} متعلقان ب‍ {بَيانٌ} لأنّه مصدر، أو بمحذوف صفة له. {وَهُدىً:} معطوف على {بَيانٌ} مرفوع مثله، وعلامة رفعه ضمة مقدّرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين، والألف الثابتة دليل عليها، وليست عينها. {وَمَوْعِظَةٌ:} معطوف على ما قبله. {لِلْمُتَّقِينَ:} متعلقان ب‍ ({مَوْعِظَةٌ}) أو بمحذوف صفة لها، وحذف متعلق ({هُدىً}) لدلالة متعلق ({مَوْعِظَةٌ}) عليه، أو هو من باب التنازع. والجملة الاسمية مستأنفة، لا محل لها.

{وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩)}

الشرح: نزلت الآية الكريمة يوم أحد حين أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أصحابه بطلب المشركين مع ما أصابهم من الجراح، والقتل، وكان قد قتل من الأنصار سبعون رجلا، ومن المهاجرين خمسة رجال، منهم: الحمزة، رضي الله عنهم أجمعين. ومعنى الآية: لا تضعفوا عن الجهاد، ولا تجزعوا على من قتل منكم؛ لأنهم في الجنّة. {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ} يعني: بالعزة، والنّصر، والغلبة عليهم.

قال ابن عباس-رضي الله عنهما-: انهزم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الشّعب، فأقبل خالد صلّى الله عليه وسلّم في خيل المشركين، يريد أن يعلو عليهم الجبل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهمّ لا يعلوه علينا، اللهمّ لا قوّة لنا إلاّ بك» فثاب نفر من المسلمين رماة، فصعدوا الجبل، ورموا خيل المشركين؛ حتّى انهزموا، وعلا المسلمون الجبل. وقيل: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ؛} لأنّ حالكم خير من حالهم؛ لأنّ قتلاكم في الجنّة، وقتلاهم في النّار، وأنتم تقاتلون على الحقّ، وهم يقاتلون على الباطل، ولأنّ العاقبة الحسنة لكم بالظفر، والنصر عليهم. وفي هذه الآية بيان فضل هذه الأمة؛ لأنّه خاطبهم بما خاطب به أنبياءه، فقد قال لموسى-على نبينا، وعليه ألف صلاة، وألف سلام-:

<<  <  ج: ص:  >  >>