للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا؛ والسّنة بمعنى: الشّريعة، والطّريقة، تكون حسنة، إن كانت في الخير، وتكون سيّئة إن كانت في الشرّ. وخذ ما يلي: عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «من سنّ خيرا، فاستنّ به؛ كان له أجره، ومثل أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا. ومن سنّ شرّا، فاستنّ به، كان عليه وزره، ومثل أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا». رواه الإمام أحمد، والحاكم عن حذيفة-رضي الله عنه-ورواه مسلم، وابن ماجة، والترمذيّ عن جرير بن عبد الله البجلي بأطول من هذا.

{فَسِيرُوا:} هذا الأمر لصحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لينظروا، ويعتبروا بأحوال الأمم الماضية.

وفيه ردع، وزجر للكافرين المكذّبين بأنّ الله سيهلكهم، كما أهلك من قبلهم؛ لأنّ الكافر إذا تأمّل أحوال الكفار المهلكين تأمّل اعتبار؛ صار ذلك داعيا إلى الإيمان، والكف عن كثير من طغيانه، وجبروته؛ لأن النّظر إلى آثار المتقدّمين له أثر في النفس الكاملة، كما قيل: [الخفيف]

إنّ آثارنا تدلّ علينا... فانظروا بعدنا إلى الآثار

هذا؛ وعاقبه كلّ شيء آخره، ونتيجته، ومصيره، ومآله. ولم يؤنّث الفعل: {كانَ} لأنّ عاقبة مؤنث مجازي، وما كان منه يستوي فيه التذكير، والتأنيث، أو لأن عاقبة اكتسب التذكير من المضاف إليه، وهو مصدر مثل: «العافية» ... إلخ.

بعد هذا: فإنّي ألفت النظر إلى أنّه تعالى، قال هنا: {فَانْظُروا} بعد الأمر بالسّير في الأرض، وقال جلّ ذكره في الآية رقم [١١] من سورة (الأنعام): {ثُمَّ انْظُرُوا} والفرق بينهما:

أنّ النظر جعل مسببا عن السّير، فكأنه قيل: سيروا؛ لأجل النظر، ولا تسيروا سير الغافلين، ومعنى السّير هناك: إباحة السّير في الأرض للتّجارة، وغيرها، وإيجاب النّظر في آثار الهالكين، ونبّه على ذلك ب‍ (ثم) التي هي للتراخي لتباعد ما بين الواجب، والمباح. انتهى.

الإعراب: {قَدْ:} حرف تحقيق يقرّب الماضي من الحال. {خَلَتْ:} فعل ماض مبني على فتح مقدّر على الألف المحذوفة لالتقائها ساكنة مع تاء التأنيث الساكنة. {مِنْ قَبْلِكُمْ:} متعلقان بما قبلهما، وجوز تعليقهما بمحذوف حال من: {سُنَنٌ} كان صفة له، فلما قدّم عليه صار حالا على القاعدة: نعت النكرة... إلخ، والكاف في محل جر بالإضافة. {سُنَنٌ:} فاعله، والجملة الفعلية مستأنفة لا محلّ لها. {فَسِيرُوا:} الفاء: هي الفصيحة؛ لأنّها تفصح عن شرط مقدّر، التقدير: إنّ شككتم في ذلك {فَسِيرُوا}. (سيروا): فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والألف للتفريق. {فِي الْأَرْضِ:} متعلقان به، والجملة الفعلية في محلّ جزم جواب للشّرط المقدّر: «إن».

{فَانْظُروا:} الفاء: حرف عطف. (انظروا): مثل سابقه في إعرابه، والجملة الفعلية معطوفة على سابقتها. {كَيْفَ:} اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب خبر: {كانَ} تقدّم عليها وعلى اسمها. {كانَ:} فعل ماض ناقص. {عاقِبَةُ:} اسم {كانَ،} وهو مضاف،

<<  <  ج: ص:  >  >>